للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ لَسَمِعْنَاهُ مِنْ مَالِكٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ أَمَتَهُ رَجُلًا غَيْرَهُ مِنْهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَقَدْ وَلَدَتْ مَنْ الزَّوْجِ؟

قَالَ: يَأْخُذُ السَّيِّدُ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْوَلَدِ مِنْ أَبِي الْوَلَدِ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّذِي غَرَّهُ بِالصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهَا.

قُلْتُ: وَلَا يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَى الَّذِي غَرَّهُ مِنْهَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: فَلِمَ جَعَلْتَهُ يَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ؟

قَالَ: لِأَنَّهُ غَرَّهُ مِنْهَا، فَلِذَلِكَ يَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ. وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِقَلِيلٍ وَلَا بِكَثِيرٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَعْطَاهَا أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْفَضْلِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَجَعَ بِالصَّدَاقِ عَلَى الَّذِي غَرَّهُ، أَيَتْرُكُ لَهُ قَدْرَ مَا اسْتَحَلَّ بِهِ فَرْجَهَا؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنَّمَا قَالَ لَنَا مَالِكٌ: يَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الَّذِي غَرَّهُ، وَلَمْ يَقُلْ لَنَا مَالِكٌ: يَتْرُكُ لَهُ شَيْئًا. وَأَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ: إنَّمَا يَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الَّذِي غَرَّهُ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ بَاعَهُ بُضْعَهَا، فَاسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ الْبُضْعَ، فَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ فِي الْبُضْعِ وَهُوَ الصَّدَاقُ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ الْوَلَدَ، فَهَذَا أَصْلُ قَوْلِهِمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ عَبْدًا فَأَعْتَقْتُهُ، أَوْ أَمَةً فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَاِتَّخَذْتُهَا أُمَّ وَلَدٍ، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ رِقَابَهُمَا، أَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَيُفْسَخُ عِتْقُ الْعَبْدِ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِهَذَا الرَّجُلِ، أَوْ أَمَةً لِهَذَا الْمُسْتَحِقِّ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا فِي الْعَبْدِ فَيُفْسَخُ عِتْقُهُ وَيُرَدُّ رَقِيقًا، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَإِنَّهَا تُرَدُّ مَا لَمْ تَحْمِلْ، فَإِذَا حَمَلَتْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهَا الَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ قِيمَتُهَا لِلَّذِي اسْتَحَقَّهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ قَالَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ: يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ قِيمَةَ وَلَدِهَا مِنْ الْأَبِ قِيمَتَهُمْ يَوْمَ يُحْكَمُ فِيهِمْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا أَحَبُّ قَوْلَيْهِ إلَيَّ.

[اشْتَرَى جَارِيَة فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَالسَّيِّدُ عَدِيمٌ وَالْوَالِدُ قَائِمٌ مُوسِرٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مِنْ السَّيِّدِ، فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَالسَّيِّدُ الْمُشْتَرِي عَدِيمٌ؟

قَالَ: يَأْخُذُ جَارِيَتَهُ وَتَكُونُ قِيمَةُ وَلَدِهَا دَيْنًا عَلَى الْأَبِ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا فَأَدَّى قِيمَةَ الِابْنِ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الِابْنِ بِقِيمَتِهِ الَّتِي أَدَّى عَنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ يُتْبِعُهُ بِهَا؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، أَتُؤْخَذُ قِيمَةُ الِابْنِ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَمْ مِنْ مَالِ الِابْنِ؟

قَالَ: بَلْ مِنْ مَالِ الْأَبِ.

قُلْتُ: فَيَرْجِعُ بِهَا الْأَبُ فِي مَالِ الْوَلَدِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُوسِرًا أَوْ بِنِصْفِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا وَالْوَلَدُ مُوسِرًا، أَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ مِنْ مَالِ الِابْنِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَكُونُ عَلَى الِابْنِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>