يَخْدُمُ فُلَانًا عَشْرَ سِنِينَ، أَوْ يَقُولَ: حَيَاةَ الْمُخْدَمِ. فَإِذَا انْقَرَضَ الْمُخْدَمُ أَوْ انْقَضَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ فَهُوَ لِفُلَانٍ، فَهَذَا الَّذِي تَعْرِفُ. وَأَمَّا إذَا جَعَلَ لِوَاحِدٍ خِدْمَتَهُ وَلَمْ يُوَقِّتْ، وَجَعَلَ لِآخَرَ رَقَبَتَهُ، فَأَرَى أَنْ يَتَحَاصَّا، تُقَوَّمُ الرَّقَبَةُ وَتُقَوَّمُ الْخِدْمَةُ عَلَى غَرَرِهَا حَيَاةُ الَّذِي أَخَدَمَ، ثُمَّ يَتَحَاصَّانِ فِيهَا جَمِيعًا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَخَدَمَ رَجُلًا عَبْدًا إلَى أَجَلٍ مَنْ الْآجَالِ، فَمَاتَ الْمُخْدَمُ قَبْلَ أَنْ يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْدُمُ وَرَثَةَ الْمُخْدَمِ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ إذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ، لَيْسَ مِنْ عَبِيدِ الْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرِجَالٍ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ وَهَبْت خِدْمَةَ هَذَا الْعَبْدِ لِفُلَانٍ، ثُمَّ مَاتَ الَّذِي أَخَدَمَ، كَانَ لِوَرَثَتِهِ خِدْمَةُ هَذَا الْعَبْدِ مَا بَقِيَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَرَادَ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ، يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي مَقَالَتِهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا أَوْصَى فِي عَبْدٍ يَخْدُمُ فُلَانًا وَلَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُ وَلَمْ يُوَقِّتْ شَيْئًا مِنْ السِّنِينَ، وَأَوْصَى بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ لِرَجُلٍ آخَرَ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْعَبْدِ، فَالْخِدْمَةُ هِيَ حَيَاةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرِجَالٍ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ وَهَبْت خِدْمَةَ هَذَا الْعَبْدِ لِفُلَانٍ، فَإِنَّمَا هِيَ حَيَاةَ فُلَانٍ، وَلَوْ كَانَ أَرَادَ حَيَاةَ الْعَبْدِ لَكَانَتْ الرَّقَبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْخِدْمَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَرْجِعٌ إلَى سَيِّدِهِ فَقَدْ أُثْبِتَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.
[فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ حَيَاتَهُ وَبِمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ لِآخَرَ]
َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ، وَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي لِفُلَانٍ. فَأَصَابُوا الْعَبْدَ الَّذِي أَوْصَى الْمَيِّتُ بِخِدْمَتِهِ هُوَ الثُّلُثُ؟ قَالَ: أَرَاهُ إذَا أُنْفِذَتْ الْخِدْمَةُ، فَأَرَاهُ لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ - زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ نَقَصَتْ - لِأَنَّهُ كَانَ ثُلُثَ الْمَيِّتِ يَوْمَ أُخْرِجَ، فَإِنَّمَا الْقَضَاءُ فِيهِ يَوْمَ أُخْرِجَ وَقُوِّمَ
وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: دَارِي حَبْسٌ عَلَى فُلَانٍ حَيَاتَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِفُلَانٍ، فَكَانَ الثُّلُثُ كَفَافَ الدَّارِ. أَتَرَى لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ إذَا رَجَعَتْ الدَّارُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الدَّارِ؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ يَرْجِعَ فِي الدَّارِ فَيَأْخُذَهَا كُلَّهَا، لِأَنَّ الدَّارَ بَقِيَّةُ الثُّلُثِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ: غُلَامِي يَخْدُمُ فُلَانًا حَيَاتَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثٍ فَلِفُلَانٍ.
قَالَ مَالِكٌ: يُعْطَى صَاحِبُ الْخِدْمَةِ الْغُلَامَ كُلَّهُ، فَإِنْ رَجَعَ الْغُلَامُ يَوْمًا مَا رَجَعَ الْمُوصَى لَهُ بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ فَيَأْخُذُ بِبَقِيَّةِ الثُّلُثِ.
قُلْتُ: وَيَأْخُذُ الْغُلَامَ كُلَّهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ.
قُلْتُ: وَيَكُونُ الْعَبْدُ لِهَذَا الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ إذَا كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ الثُّلُثَ؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ إذَا رَجَعَ.
[فِيمَنْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَبِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ]
ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَبِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ