للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَبَّرِ، لِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ عَبْدٌ مَا لَمْ يُقَوَّمْ إنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمْوَالُهُ مَأْمُونَةً مِنْ دُورٍ أَوْ أَرَضِينَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: حُدُودُهُ وَحُرْمَتُهُ وَقَذْفُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ حَتَّى يُقَوَّمَ فِي الثُّلُثِ وَيَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أُصِيبَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ فِي الثُّلُثِ حَتَّى يَنْقُصَ ذَلِكَ مِنْ عِتْقِهِ. نَقَصَ مِنْ عِتْقِهِ وَرُقَّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُرَقُّ، فَذَلِكَ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ، وَأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَنْ عَبْدٍ، وَأَنَّ مَا جَنَى بِمَنْزِلَةِ مَا جَنَى عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا قَالَ لَنَا مَالِكٌ هَذَا فِي الْمُدَبَّرِ، فَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَجَنَى بَعْدَ الْمَوْتِ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ مَا ثَبَتَ لِلْمُدَبَّرِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَمَّنْ أَثِقُ بِهِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ أَعْلَمْتُكَ بِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْمَالِ الْمَأْمُونِ. قَالَ سَحْنُونٌ: مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَأْمُونًا فَهُوَ عَلَى حَالِهِ حَتَّى يُقَوَّمَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ، ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، أَوْ لَمْ يَدَعْ مَالًا سِوَاهُ. أَتَرَى لِلْوَرَثَةِ مَا كَانَ لِأَبِيهِمْ مِنْ الْخِيَارِ فِي أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدَ أَوْ يَفْتَكَّهُ، أَمْ تَرَى الْحُرِّيَّةَ قَدْ جَرَتْ فِيهِ لَمَّا مَاتَ السَّيِّدُ، وَتُجْعَلُ سَبِيلُهُ سَبِيلَ مَنْ جَنَى بَعْدَ الْمَوْتِ؟

قَالَ: الْمَجْرُوحُ أَوْلَى بِهِ وَهُوَ فِي رَقَبَتِهِ، فَإِنْ أُسْلِمَ كَانَ عَبْدًا لِلْمَجْرُوحِ، وَإِنْ افْتَكُّوهُ رَجَعَ الْعَبْدُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَى مَالِ سَيِّدِهِ فَأُعْتِقَ فِي ثُلُثِهِ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ افْتَكَّهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَتَكُونَ الْوَرَثَةُ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَنْزِلَةِ السَّيِّدِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، لِأَنَّ الْجُرْحَ كَانَ فِي رَقَبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَهُ بَتْلًا فِي الْمَرَضِ وَلَا مَالَ لَهُ، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، ثُمَّ أَفَادَ أَمْوَالًا مَأْمُونَةً فِي مَرَضِهِ كَثِيرَةً؟ قَالَ: يُعْتَقُ الْعَبْدُ حِينَ أَفَادَهَا وَتَكُونُ الْجَرِيرَةُ فِي ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهَا وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، لِأَنَّهُ يَوْمَ جَنَى كَانَ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جَرِيرَتَهُ.

قُلْتُ: أَسْمَعْتَ هَذَا مِنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لَنَا: إذَا كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ - مَا قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِهِ، فَهُوَ إذَا أَفَادَهَا فِي مَرَضِهِ - صَنَعْتُ بِهِ حِينَ أَفَادَهَا فِي الْعِتْقِ مِثْلَ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِهِ إذَا أَعْتَقَهُ، وَلَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ.

[أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ وَبَتَلَ عِتْقَهُ فَجُرِحَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ]

فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ وَبَتَلَ عِتْقَهُ فَجُرِحَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ فَبَتَلَ عِتْقَهُ فَجُرِحَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ؟

قَالَ: عَقْلُهُ عَقْلُ عَبْدٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلسَّيِّدِ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا، مِثْلُ الْأَرَضِينَ وَالدُّورِ وَالنَّخْلِ، فَتَكُونُ جِرَاحُهُ جِرَاحَ حُرٍّ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ قَدْ تَمَّتْ هَهُنَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ: إنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا، وَلَا تَكُونُ حُرْمَتُهُ حُرْمَةَ حُرٍّ حَتَّى تَكُونَ هَذِهِ الْأَمْوَالُ مَأْمُونَةً لَا يُخَافُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً. قَالَ: وَاَلَّذِي قَالَ لَنَا مَالِكٌ فِي الْمَالِ الْمَأْمُونِ: إنَّهُ الْأَرَضُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>