للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَّجِرَ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَدَّهُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي لَوْ تَلِفَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ وَدِيعَةً اسْتَوْدَعَهَا رَجُلٌ رَجُلًا، بِمِصْرَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مِصْرَ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا كَانَ ضَامِنًا لَهَا إنْ تَلِفَتْ، وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ حَتَّى يَرُدَّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَوْدَعَهُ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَسْتَوْدِعُ الرَّجُلَ الْمَالَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ بَعْضَهُ فَيُنْفِقُهُ، أَوْ يَأْخُذُهَا كُلَّهَا فَيُنْفِقُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا مَكَانَهَا فَتَضِيعُ: إنَّ الضَّمَانَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنَّهُ حِينَ رَدَّهَا سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ فَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ الَّتِي خَرَجَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِ رَبِّهَا ثُمَّ رَدَّهَا.

قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، فَاشْتَرَى الْعَامِلُ بِهِ مَتَاعًا وَجِهَازًا يُرِيدُ بِهِ بَعْضَ الْبُلْدَانِ، فَلَمَّا اشْتَرَاهُ أَتَاهُ رَبُّ الْمَالِ فَنَهَاهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَمْنَعَهُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى وَعَمِلَ.

فَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُفْسِدَ ذَلِكَ وَيُبْطِلَ عَلَيْهِ عَمَلَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَيْضًا، أَنَّهُ إنْ اشْتَرَى بِهِ سِلَعًا، ثُمَّ أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَ عَلَى الْعَامِلِ السِّلَعَ مَكَانَهُ، أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ. وَلَكِنْ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَاكَ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَاهَا لِسُوقٍ يَرْجُوهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى بَيْعِ تِلْكَ السِّلَعِ. وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهَا إلَى تِلْكَ الْأَسْوَاقِ الَّتِي يَرْجُوهَا لِئَلَّا يَذْهَبَ عَمَلُ هَذَا الْعَامِلِ بَاطِلًا ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا يَخَافُ عَلَيْهِ السُّوسَ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَيَتْلَفَ رَأْسُ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ حِينَئِذٍ بِالْبَيْعِ.

قُلْتُ: فَإِنْ تَجَهَّزَ الْعَامِلُ وَاشْتَرَى مَتَاعًا يُرِيدُ بِهِ بَعْضَ الْبُلْدَانِ فَهَلَكَ رَبُّ الْمَالِ، أَيَكُونُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَخْرُجَ بِهَذَا الْمَتَاعِ؟ قَالَ: نَعَمْ.

[فِي الْمُقَارَضِ يُسَافِرُ بِالْقِرَاضِ إلَيْهِ الْبُلْدَانِ]

فِي الْمُقَارَضِ يُسَافِرُ بِالْقِرَاضِ إلَى الْبُلْدَانِ قُلْتُ: فَإِنْ دَفَعْت إلَيْهِ مَالًا قِرَاضًا، وَلَمْ أَقُلْ لَهُ: اتَّجِرْ بِهِ هَاهُنَا وَلَا هَاهُنَا دَفَعْت إلَى الْمَالَ وَسَكَتَ عَنْهُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ فِي أَيِّ الْمَوَاضِعِ أَحَبَّ، وَيَخْرُجَ بِهِ إلَى أَيِّ الْبُلْدَانِ شَاءَ فَيَتَّجِرُ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، عِنْدَ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُقَارَضَ، أَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ إلَى الْبُلْدَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ نَهَاهُ، وَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ حِينَ دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ بِالْفُسْطَاطِ: لَا تَخْرُجْ بِهِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَلَا مِنْ الْفُسْطَاطِ.

[الْمُقَارَضِ يُدْفَعُ لَهُ الْمَالُ عَلَى أَنْ يَجْلِسَ بِهِ فِي حَانُوتٍ أَوْ يَزْرَعَ بِهِ]

ِ قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ الْمَالَ قِرَاضًا، عَلَى أَنْ يَجْلِسَ بِهِ فِي حَانُوتٍ مَنْ الْبَزَّازِينَ أَوْ السَّقَّاطِينَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَعْمَلُ فِيهِ وَلَا يَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَعَ ذَلِكَ كَانَ فِيهِ أَجِيرًا يُقَامُ لَهُ أَجْرُ عَمَلِ مِثْلِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ رِبْحٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلَهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>