قُلْتُ: مَا حُجَّةُ مَالِكٍ إذَا جَعَلَ الْمُصِيبَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ، وَلَا يَتِمُّ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَقَعَ الْخِيَارُ فَمَا لَمْ يَقَعْ الْخِيَارُ فَالتَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ.
[يَبْتَاعُ الْجَارِيَةَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَيُعْتِقُهَا الْبَائِعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ]
فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْجَارِيَةَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَيُعْتِقُهَا الْبَائِعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَأَعْتَقَهَا الْبَائِعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ؟ قَالَ: عِتْقُهُ مَوْقُوفٌ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ بَاعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّهُ نَدَمٌ مِنْهُ فِيمَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ وَبِالشَّرْطِ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا غَيْرُهُ فِيهِ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «النَّاسُ عَلَى شُرُوطِهِمْ» .
قُلْتُ: فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ أَيَلْزَمُ الْبَائِعَ الْعِتْقُ الَّذِي أَعْتَقَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ لَازِمٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فِيهَا إذَا رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِالشَّرْطِ الَّذِي كَانَ لَهُ فِيهَا وَإِنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنَّ مَا جَنَى عَلَيْهَا وَمَا جَنَتْ فَعَلَى الْبَائِعِ وَلَهُ.
قُلْتُ: لِمَ أَجَزْتَهُ وَقَدْ كَانَ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ غَيْرَ جَائِزٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الَّذِي يُخْدِمُ جَارِيَتَهُ سَنَةً أَوْ يُؤَاجِرُهَا سَنَةً ثُمَّ يُعْتِقُهَا: إنَّ عِتْقَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ، فَإِذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ عَتَقَتْ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهَا يَوْمَئِذٍ فَكَذَلِكَ الَّذِي أَعْتَقَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ الْمُخْدَمَةِ وَاَلَّتِي أَجَّرَ، وَرَأْيِي أَنَّهُ فِي عِتْقِهِ مُضَارٌّ نَادِمٌ فِيمَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ الَّذِي لَزِمَهُ وَلَا يَسْتَطِيعُ الرُّجُوعَ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَإِنَّ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ ذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ أَسْكَنَ رَجُلًا دَارًا حَيَاتَهُ فَتُوُفِّيَ رَبُّ الدَّارِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا تُبَاعُ حَيَاةَ الَّذِي أُسْكِنَهَا، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ قَالَ فِي رَجُلٍ أَسْكَنَ رَجُلًا دَارًا عَشْرَ سِنِينَ أَوْ آجَرَهُ ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الدَّارِ قَالَ: الدَّارُ رَاجِعَةٌ إلَى الْوَرَثَةِ وَالسُّكْنَى إلَى حَدِّهَا، وَأَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ ذَكَرَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَسْلَفَ رَجُلًا سَلَفًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ إنْ كَانَ سَمَّى لَهُ أَجَلًا إلَّا إلَى أَجَلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ.
[يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ أَوْ الطَّعَامَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إذَا نَظَرَ إلَيْهِ]
فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ أَوْ الطَّعَامَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إذَا نَظَرَ إلَيْهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثِيَابًا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ إذَا نَظَرْتُ إلَيْهَا أَوْ رَقِيقًا أَوْ غَنَمًا فَنَظَرْتُ إلَيْهَا كُلِّهَا وَأَنَا سَاكِتٌ حَتَّى إذَا نَظَرْتُ إلَى آخِرِهَا فَقُلْتُ: لَا أَرْضَى أَيَكُونُ ذَلِكَ لِي