يَتِمَّ لِلْمُكَاتَبِ الْعِتْقُ وَعَجَزَ أَنْ يَكُونَ مَا تَعَجَّلَ مِنْ حَقِّهِ لِتَرْكِ مَا تَرَكَ أَفْضَلُ مِنْ رِقِّ الْعَبْدِ إذَا عَجَزَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَنْ قَاطَعَ مُكَاتَبًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكٍ لَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمَنْزِلَةِ الْعَتَاقَةِ الَّتِي يَضْمَنُ صَاحِبُهَا أَنْ يُعْتِقَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَمْلُوكِ إذَا عَتَقَ بَعْضُهُ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ الْمَمْلُوكِ نَفْسَهُ.
[الْمُكَاتَبُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يُبْدِئُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالنَّجْمِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: دَعْنِي أَتَقَاضَى هَذَا النَّجْمَ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَخُذْ أَنْتَ النَّجْمَ الْمُسْتَقْبَلَ فَفَعَلَ وَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ النَّجْمِ الثَّانِي، قَالَ: هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّيْنِ: يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الْمُنَجَّمُ عَلَيْهِ إذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا النَّجْمَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُهُ النَّجْمَ الثَّانِي، ثُمَّ يُفْلِسُ فِي النَّجْمِ الْآخَرِ أَنَّ صَاحِبَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ لَهُ، فَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْكِتَابَةِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَهُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ هَهُنَا فِي أَنْ يَرُدَّ أَوْ يُسَلِّمَ مَالَهُ فِي الْعَبْدِ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْقُطَاعَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا سَلَفٌ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ.
[الْجَمَاعَةِ يُكَاتِبُونَ كِتَابَةً وَاحِدَةً]
فِي الْجَمَاعَةِ يُكَاتِبُونَ كِتَابَةً وَاحِدَةً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كِتَابَةَ الْقَوْمِ إذَا كَانَتْ وَاحِدَةً أَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ؟
قَالَ: يَأْخُذُ السَّيِّدُ جَمِيعَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَمِيعَهُمْ أَخَذَ مِمَّنْ وَجَدَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ وَلَا يُعْتَقُونَ إلَّا بِذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْحَمَالَةُ فِي هَذَا لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ ثَلَاثَةَ رِجَالٍ تَحَمَّلُوا لِرَجُلٍ بِمَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَلَمْ يَقُولُوا: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا حَمِيلٌ بِجَمِيعِ مَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا ثُلُثُ الْمَالِ الَّذِي تَحَمَّلُوا بِهِ يُفَضُّ الْمَالُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لِلْمُتَحَمِّلِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا ثُلُثَ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَشَرَطَ أَيَّهُمْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ أَخَذَ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمْ شَاءَ بِالْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُوضَعُ عَنْ الْمُكَاتَبَيْنِ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ بِمَوْتِ صَاحِبِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَيُؤَدُّونَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ لَا يُعْتَقُونَ إلَّا بِذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute