الْمُشْتَرِي وَحَازَهَا لِنَفْسِهِ لَيْسَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ عِنْدَهُ وَلَكِنْ عَلَى الْحِيَازَةِ لِنَفْسِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ إنْ اسْتَقَالَهُ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ يَوْمٍ إذَا غَابَ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَهَبْت لِابْنٍ لِي صَغِيرٍ فِي حِجْرِي جَارِيَةٍ أَوْ لِابْنٍ لِي كَبِيرٍ وَهُوَ فِي عِيَالِي، فَارْتَجَعْتُ هِبَتِي اعْتَصَرْتهَا أَعَلَيَّ أَنْ أَسْتَبْرِئَهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ كَانَا فِي يَدِ الْأَبِ لَمْ يَكُونَا يَخْرُجَانِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجَانِ أَوْ قَبَضَهَا الْكَبِيرُ وَغَابَ عَلَيْهَا فَالِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَطِئَهَا الِابْنُ فَلَا اعْتِصَارَ لِلْأَبِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ اعْتِصَارٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَوْدَعَ رَجُلًا جَارِيَةً فَحَاضَتْ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ أَجْزَتْهَا تِلْكَ الْحَيْضَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً أَوْ وُهِبَتْ لِي أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيَّ أَوْ صَارَتْ لِي مِنْ مَغْنَمٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أُوصِيَ لِي بِهَا أَوْ وَرِثْتهَا أَوْ صَارَتْ لِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، أَيَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَبْرِئَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
[اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ تُبَاعُ فَتَحِيضُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً فَمَنَعَنِي صَاحِبُهَا مِنْ أَنْ أَقْبِضَهَا حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ، فَحَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي إيَّاهَا قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهَا، ثُمَّ دَفَعْتُ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَقَبَضْتُ الْجَارِيَةَ، أَتُجْزِئُ تِلْكَ الْحَيْضَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: إنْ أَخَذَهَا فِي أَوَّلِ حَيْضَتِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي آخِرِ حَيْضَتِهَا أَوْ بَعْدَ أَنْ طَهُرَتْ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً وَعَلَى الْبَائِعِ الْمُوَاضَعَةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْقَبْضُ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَيُجْزِئُ الْمُشْتَرِيَ هَذِهِ الْحَيْضَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ أَمْ لَا؟
قَالَ: إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَسْأَلْهُ الْقَبْضَ وَالْبَائِعُ لَمْ يَمْنَعْهُ، إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ ذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ فَأَبْطَأَ عَنْ الْقَبْضِ حَتَّى حَاضَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْبَائِعِ، ثُمَّ جَاءَ لِيَقْبِضَهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَأَرَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ رَأَيْتُ أَنْ يَتَوَاضَعَاهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مَنَعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَحَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ تَوَاضَعَاهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْكَنَهُ مِنْهَا وَتَرَكَهَا عِنْدَهُ، فَإِنَّ حَيْضَتَهَا اسْتِبْرَاءٌ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ ضَمَانَهَا كَانَ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ وَضَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute