[كَفَّارَةِ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ]
فِي كَفَّارَةِ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ إذَا ظَاهَرَ أَيُجْزِئُهُ الْعِتْقُ أَمْ الْإِطْعَامُ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَمْ لَا وَهَلْ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الطَّعَامِ فَالصِّيَامُ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالصِّيَامُ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ يُطْعَمُ أَحَدٌ يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ.
قُلْتُ: هَلْ يُجْزِئُ الْعَبْدَ أَنْ يَعْتِقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي كَفَّارَةِ الْإِيلَاءِ أَوْ فِي كَفَّارَةِ شَيْءٍ مِنْ الْأَيْمَانِ، فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا، فَكَلَّمَهُ فَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الطَّعَامِ أَوْ الْكُسْوَةِ أَوْ الصَّوْمِ، أَيُّ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَى مَالِكٍ؟ أَيُطْعِمُ أَمْ يَكْسُو أَمْ يَصُومُ، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْكُسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ مَالٌ فَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يُطْعِمَ أَوْ يَكْسُو عَنْ نَفْسِهِ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ الصِّيَامُ أَبْيَنُ عِنْدِي مِنْ الْإِطْعَامِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، فَأَطْعَمَ أَجْزَأَ عَنْهُ وَكَانَ يَقُولُ فِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هُوَ مُجْزِئٌ عَنْهُ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ لَوْ كَفَّرَ عَنْهُ بِالطَّعَامِ، أَوْ رَجُلٌ كَفَّرَ عَنْ صَاحِبِهِ بِالطَّعَامِ بِإِذْنِهِ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَمْرَ الْعَبْدِ.
قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا تَظَاهَرَ الْعَبْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الصِّيَامُ وَلَا يَعْتِقُ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا الصِّيَامُ.
[تَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا]
فِيمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً، فَبَانَتْ مِنْهُ، فَلَمَّا بَانَتْ مِنْهُ أَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا أَوْ صَامَ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَقَبَةٍ، أَوْ أَطْعَمَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِطْعَامِ، هَلْ يُجْزِئُهُ هَذَا فِي الْكَفَّارَاتِ عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا إنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا مِنْ ذِي قَبْلُ؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ قُلْتُ: لِمَ لَا يُجْزِئُهُ وَالظِّهَارُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إذَا خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مِلْكِهِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الظِّهَارُ لِأَنَّهُ لَا ظِهَارَ عَلَيْهِ، لَوْ مَاتَتْ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الظِّهَارُ إذَا هُوَ تَزَوَّجَهَا مِنْ ذِي قَبْلُ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا مِنْ ذِي قَبْلُ فَلَزِمَهُ الظِّهَارُ فَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الظِّهَارُ لَازِمًا، فَأَمَّا فِي حَالٍ الظِّهَارُ فِيهِ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَا يُجْزِئُ فِي تِلْكَ الْحَالِ الْكَفَّارَةُ.