قُلْتُ: فَإِنْ أَبْطَلَ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ خِيَارَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا أَوْ بَعْدَ مَا تَفَرَّقَا، وَقَدْ كَانَ الْخِيَارُ فِي السَّلَمِ أَجَلًا بَعِيدًا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَبْطَلَ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ خِيَارَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَلَا يَصْلُحُ وَإِنْ أَبْطَلَ خِيَارَهُ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْخِيَارُ فِي الصَّرْفِ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِالْخِيَارِ وَأَبْطَلَ خِيَارَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا؟ قَالَ: نَعَمْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَسْتَقْبِلَا صَرْفًا جَدِيدًا لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَرَفْتُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ أَحَدَنَا بِالْخِيَارِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ هَذَا فِي الصَّرْفِ، وَهَذَا بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي الصَّرْفِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا حَوَالَةٍ وَلَا كَفَالَةٍ وَلَا شَرْطٍ وَلَا رَهْنٍ، وَلَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ إلَّا الْمُنَاجَزَةُ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَبَيْنَ صَاحِبِهِ عَمَلٌ.
قَالَ سَحْنُونٌ: أَلَا تَرَى إلَى حَدِيثِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ يُحَدِّثُ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا عَيْنًا بِعَيْنٍ وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا عَيْنًا بِعَيْنٍ إنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ، وَلَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ إلَّا هَاءَ وَهَلُمَّ، وَلَا الْوَرِقَ بِالذَّهَبِ إلَّا هَاءَ وَهَلُمَّ» ، وَأَنْ عُمَرَ قَالَ فِي الصَّرْفِ: وَإِنْ اسْتَظْهَرَكَ إلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ.
[يَشْتَرِي السِّلْعَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ يَخْتَارُ إحْدَاهُمَا وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ]
فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلْعَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ يَخْتَارُ إحْدَاهُمَا وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَتَيْنِ عَلَى أَنِّي فِيهِمَا بِالْخِيَارِ آخُذُ إحْدَاهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَذَلِكَ لِي لَازِمٌ أَتَرَى هَذَا الْبَيْعَ لَازِمًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الثِّيَابِ وَالْكِبَاشِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ الْعُرُوضِ: يَشْتَرِي الرَّجُلُ السِّلْعَةَ بِكَذَا وَكَذَا يَخْتَارُهَا مِنْ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ الْجَوَارِي، وَالثَّمَنُ فِي مَسْأَلَتِكَ فِي السِّلَعِ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي إحْدَاهُمَا وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ: اخْتَرْ فِي أَيَّتِهِمَا شِئْتَ فَهِيَ لَكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اخْتَرْ إنْ شِئْتَ هَذِهِ بِأَلْفَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ هَذِهِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ إحْدَاهُمَا لَازِمَةٌ، فَهَذَا الَّذِي كَرِهَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَتَيْنِ هَذِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَهَذِهِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ أَخْتَارَ إحْدَاهُمَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ هَذَا الْبَيْعُ إذَا كَانَ يَأْخُذُهُمَا عَلَى أَنَّ إحْدَاهُمَا قَدْ وَجَبَتْ لَهُ إنْ شَاءَ الَّتِي بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِنْ شَاءَ الَّتِي بِأَلْفٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُمَا عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِمَا إنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ أَخَذَ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَتْرُكَ تَرَكَ، وَالْبَائِعُ أَيْضًا، كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْعِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْضِيَ أَمْضَى، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ رَدَّ فَلَا بَأْسَ بِهَذَا،