عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ. وَإِنْ كَانَ مِنْ الثَّمَرَةِ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُصِيبَةً إذَا أَذْهَبَتْ مِثْلَ ثُلُثِ الثَّمَنِ. وَلَيْسَ يُلْتَفَتُ إلَى ثُلُثِ الثَّمَرَةِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ إنَّمَا غَلَّتُهُ عُشْرُ الثَّمَنِ، فَلَا يَكُونُ مُصِيبَةً، وَرُبَّمَا كَانَ عُشْرَ الثَّمَرَةِ وَيَكُونُ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ نِصْفُ الثَّمَنِ، فَيَكُونُ مُصِيبَةً. فَلِذَلِكَ تُوضَعُ الْجَوَائِحُ إذَا وَقَعَتْ الْمَصَائِبُ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَأَمَّا الْبَطْنُ الْوَاحِدُ وَهُوَ صِنْفٌ وَاحِدٌ، فَإِنَّ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ إذَا كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا مِنْ الثَّمَرَةِ، فَاجْتَمَعَتْ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فَلِذَلِكَ وُضِعَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَا كَانَ مِمَّا يُخْرَصُ مِنْ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا، أَوْ مِمَّا لَا يُخْرَصُ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ الثَّمَرَةِ، فَيُوضَعُ مِنْ الثَّمَنِ ثُلُثُهُ. وَلَا يُنْظَرُ فِيهِ إلَى اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يَشْتَرِيهَا الْمُشْتَرِي، فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْبِسُهَا حَتَّى يَجِدَّهَا يَابِسَةً فَيَدَّخِرَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَعَجَّلُ أَكْلَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّخِرُ بَعْضَهَا أَوْ يَبِيعُ بَعْضًا.
فَالْبَائِعُ حِينَ يَبِيعُ إنَّمَا يَبِيعُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ شَاءَ حَبَسَ وَإِنْ شَاءَ جَدَّ. فَإِنَّمَا فِي ثُلُثِ الثَّمَرَةِ إذَا أَصَابَتْهَا الْجَائِحَةُ ثُلُثُ الثَّمَنِ سَحْنُونٌ: وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الثَّمَرُ صِنْفًا وَاحِدًا، فَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ أَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً، مِثْلَ الْبَرْنِيِّ وَالْعَجْوَةِ وَعِذْقِ ابْنِ زَيْدٍ وَالشَّقَمِ، فَأَصَابَتْ الْجَائِحَةُ مِنْ الثَّمَرِ الثُّلُثَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَتْ مِنْ الْبَرْنِيِّ أَوْ الْعَجْوَةِ، نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ، فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْقِيَمِ لِاخْتِلَافِ الثَّمَرِ فِي الْقِيَمِ. فَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْبُطُونِ فِي اخْتِلَافِ أَثْمَانِهَا. وَإِنَّ الرُّمَّانَ وَالتُّفَّاحَ وَالْخَوْخَ وَالْأُتْرُجَّ وَالْمَوْزَ وَالْمَقَاثِيَ وَمَا أَشْبَهَهَا، إنَّمَا يُشْتَرَى عَلَى أَنَّ طِيبَ بَعْضِهِ بَعْدَ بَعْضٍ. وَلَوْ تَرَكَ مَنْ يَشْتَرِيهِ أَوَّلَهُ لِآخِرِهِ حَتَّى يَطِيبَ كُلُّهُ لَكَانَ فَسَادًا لِأَوَّلِهِ. قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ طِيبَ بَعْضِهِ بَعْدَ بَعْضٍ رَحْمَةً، وَلَوْ جَعَلَ طِيبَهُ وَاحِدًا لَكَانَ فَسَادًا. وَالْمُشْتَرِي حِينَ يَشْتَرِي مَا يَطِيبُ. بَعْضُهُ بَعْدَ بَعْضٍ، فَالْبَائِعُ يَعْرِفُ، وَالْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَجْنِيهِ كُلَّ مَا طَابَ بِمَنْزِلَةِ الْمَقَاثِي وَغَيْرِهَا. وَإِنَّ الَّذِي يُخْرَصُ لَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الثِّمَارِ، وَلَا مَا يُقْدَرُ عَلَى تَرْكِهِ حَتَّى تُجَدَّ جَمِيعُهُ مَعًا فَهَذَا مِثْلُ الَّذِي يُخْرَصُ سَوَاءً، فَمَحْمَلُهُمَا فِي الْجَائِحَةِ سَوَاءٌ سَحْنُونٌ: فَكُلُّ مَا يُقْدَرُ عَلَى تَرْكِ أَوَّلِهِ عَلَى آخِرِهِ وَلَا يَكُونُ فَسَادًا حَتَّى يَيْبَسَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ. وَكُلُّ مَا لَا يُسْتَطَاعُ تَرْكُ أَوَّلِهِ عَلَى آخِرِهِ حَتَّى يَيْبَسَ فِي شَجَرِهِ، فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَقَاثِي. قَالَ سَحْنُونٌ: فَهَذَا أَصْلُ قَوْلِهِ، وَكُلُّ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَإِلَى هَذَا يَرْجِعُ.
[مَا جَاءَ فِي جَائِحَةِ الْقَصِيلِ]
ِ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْقَصِيلُ إذَا اُشْتُرِيَ جِزَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ مِنْهُ الثُّلُثَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute