وُضِعَ عَنْهُ وَلَمْ يُنْظَرْ إلَى غَلَاءِ أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ أَوْ رُخْصِهِ، لِأَنَّ قَصْلَهُ قَصْلَةً وَاحِدَةً إنْ أَرَادَ أَنْ يَقْصِلَهُ وَقَدْ أَدْرَكَ جَمِيعَهُ حِينَ اشْتَرَاهُ.
وَالْفَاكِهَةُ لَمْ تُدْرَكْ جَمِيعُهَا وَلَا الْمَقَاثِي وَلَا الْيَاسَمِينُ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْقَصِيلَ وَخِلْفَتَهُ الَّتِي بَعْدَهُ. فَتُصَابُ الْأُولَى وَتَثْبُتُ الْأُخْرَى، أَوْ تُصَابُ الْأُخْرَى وَتَسْلَمُ الْأُولَى، فَيُحْسَبُ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ. يُنْظَرُ كَمْ كَانَ نَبَاتُ الْأُولَى مِنْ الْأُخْرَى فِي رُخْصِ آخِرِهِ أَوْ غَلَائِهِ، أَوْ فِي رُخْصِ أَوَّلِهِ أَوْ غَلَائِهِ، وَحَالِ رَغْبَةِ النَّاسِ فِيهِ وَغَلَائِهِ عِنْدَهُمْ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، إذَا كَانَ الَّذِي أَذْهَبَتْ الْجَائِحَةُ مِنْهُ ثُلُثًا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَهُوَ فِي النَّبَاتِ الثُّلُثُ، رُدَّ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ فَبِقَدْرِ ذَلِكَ يُرَدُّ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ نِصْفَ الثَّمَنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ فِي نِفَاقِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَقِيمَتِهِ، رُدَّ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَرْضِ: تُتَكَارَى ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعًا، فَيَزْرَعُ الرَّجُلُ السَّنَةَ أَوْ السَّنَتَيْنِ فَيَعْطَشُ أَوَّلُهَا أَوْ آخِرُهَا أَوْ وَسْطُهَا، وَقَدْ تَكَارَاهَا أَرْبَعَ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَيَعْطَشُ سَنَةً مِنْهَا. قَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ كُلُّ سَنَةٍ بِمَا كَانَتْ تُسَاوِي مِنْ نِفَاقِهَا عِنْدَ النَّاسِ، وَتَشَاحَّ النَّاسُ فِيهَا ثُمَّ يُحْمَلُ بَعْضُ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ، فَيُقَسَّمُ الْكِرَاءُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، وَيُرَدُّ مِنْ الْكِرَاءِ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، وَيُوضَعُ عَنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ. وَلَا يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ السِّنِينَ فَيُقَسَّمُ الْكِرَاءُ عَلَيْهَا، إنْ كَانَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ لَمْ يُقَسَّمْ الثَّمَنُ عَلَيْهَا أَرْبَاعًا وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ. فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ سَنَةً فَتُهْدَمُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الدَّارُ يَتَكَارَاهَا فِي السَّنَةِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، فَيَكُونُ فِيهَا أَشْهُرٌ كِرَاؤُهَا غَالٍ، وَأَشْهُرٌ كِرَاؤُهَا رَخِيصٌ، مِثْلُ كِرَاءِ دُورِ مَكَّةَ فِي إبَّانِ الْحَجِّ وَغَيْرِ إبَّانِ الْحَجِّ. وَالْفَنَادِقِ تُتَكَارَى سَنَةً، وَلَهَا إبَّانٌ نِفَاقُهَا فِيهِ لَيْسَتْ كَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْإِبَّانِ، فَيَسْكُنُهَا الْأَشْهُرَ ثُمَّ تَنْهَدِمُ أَوْ تَحْتَرِقُ فَإِنَّمَا يُرَدُّ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْهُرِ. حَتَّى إنَّ الشَّهْرَ لَيَعْدِلُ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ وَالْخَمْسَةَ أَوْ جَمِيعَ السَّنَةِ، وَلَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى السَّنَةِ. فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَلَكِنْ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ. وَكُلُّ مَا فَسَّرْتُ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْجَائِحَةِ، فَهُوَ تَفْسِيرُ مَا حَمَلْتُ عَنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: وَاَلَّذِي شَبَّهَهُ مَالِكٌ مِنْ الْفَاكِهَةِ فِي جَائِحَتِهِ بِالنَّخْلِ مِمَّا يُخْرَصُ، أَهُوَ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ مِثْلُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْجِلَّوْزِ وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَالتِّينُ هُوَ مِمَّا يَيْبَسُ أَيْضًا وَيُدَّخَرُ، وَهُوَ مِمَّا يُطْعَمُ بَعْضُهُ بَعْدَ بَعْضٍ، وَهُوَ مِمَّا يَيْبَسُ فَكَيْفَ يُعْرَفُ شَأْنُهُ؟ قَالَ: يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت مَقْثَأَةً، وَفِيهَا بِطِّيخٌ وَقِثَّاءٌ، فَأَصَابَتْ الْجَائِحَةُ جَمِيعَ مَا فِي الْمَقْثَأَةِ مَنْ الثَّمَرَةِ وَهِيَ تُطْعَمُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُنْظَرُ إلَى هَذَا الْبَطْنِ الْأَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute