فَيَعْثِرُ الْبَعِيرُ فَتَنْشَقُّ الرَّوَايَا فَيَذْهَبُ مَا فِيهَا أَلَهُ كِرَاءٌ فِيمَا حَمَلَ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا كِرَاءَ لَهُ فِيمَا حَمَلَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غُرُّهُ مِنْ دَابَّتِهِ فَيَضْمَنُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى مَا سُرِقَ مِنْ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَصَبَهُ لُصُوصٌ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِهُ مَا عَثَرَتْ بِهِ الدَّابَّةُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ لَمْ يَأْتِ مِنْ قِبَلِ مَا تَكَارَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ يَحْمِلَهُ وَيَكُونَ لَهُ أَجْرُهُ كَامِلًا فَإِنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ سَبَبِ الدَّابَّةِ إنَّمَا كَانَ مِنْ سَبَبِ مَا اسْتَحْمَلَهُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِي غُرْمٌ وَلَيْسَ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الْكَرِيَّ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ وَوَضَعَ عَنْهُ ضَمَانَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ تَلَفَهُ وَلَمْ يَغُرَّ مِنْ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ غُرَّ مِنْ بَعْضِ مَا حَمَلَ لَهُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ.
قُلْتُ: وَالطَّعَامُ وَالسَّمْنُ وَالدُّهْنُ وَالْقَوَارِيرُ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ إنْ انْكَسَرَتْ مِنْ سَبَبِ الْبَعِيرِ أَهِيَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي، قَالَ: وَمَا حَمَلَ فِي السُّفُنِ أَوْ عَلَى الدَّوَابِّ أَوْ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ أَوْ فِي الْمِصْرِ فَأَتَى تَلَفُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ مَا عَلَيْهِ حُمِلَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فَلَا كِرَاءَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْتُهُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لِي صَبِيًّا صَغِيرًا مَمْلُوكًا إلَى مَوْضِعٍ مَنْ الْمَوَاضِعِ وَأَسْلَمْته إلَيْهِ فَسَاقَ الدَّابَّةَ فَعَثَرَتْ مَنْ سَوْقِهِ فَسَقَطَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَاقَهَا سَوْقًا عَنِيفًا لَا يَكُونُ مِثْلَ سَوْقِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْبَيْطَارِ يَطْرَحُ الدَّابَّةَ فَتَعْطَبُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَ بِهَا مَا يَفْعَلُ الْبَيْطَارُ وَطَرَحَهَا كَمَا يَطْرَحُ الْبَيْطَارُ الدَّوَابَّ، فَإِنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ ضَمِنَ.
[تَضْمِينِ الْمُكْتَرِي]
مَا جَاءَ فِي تَضْمِينِ الْمُكْتَرِي قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت دَابَّةً مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ فَضَرَبْتُهَا فَأَعْنَتّهَا مَنْ ضَرْبِي أَوْ كَبَحْتهَا فَكَسَرْتُ لَحْيَيْهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّائِضِ يُرَوِّضُ فَيَضْرِبُ الدَّابَّةَ فَيَفْقَأُ عَيْنَهَا أَوْ يَكْسِرُ رِجْلَهَا: إنَّهُ ضَامِنٌ لِذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْمُكْتَرِي عِنْدِي إذَا ضَرَبَهَا فَأَعْنَتَهَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَرَبَ كَمَا يَضْرِبُ النَّاسُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ فِي الرَّائِضِ، وَقَالَ مَالِكٌ: أَيْضًا فِي الرَّاعِي: يَضْرِبُ الْكَبْشَ أَوْ يَرْمِيهِ فَيَفْقَأُ عَيْنَيْهِ أَوْ يُعَنِّتُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ صَنَعَ الرَّاعِي ضَمِنَ إذَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَأَصَابَ الْغَنَمَ مِنْ صَنِيعِهِ عَيْبٌ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ صَنَعَ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَعِيبَتْ الْغَنَمُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute