للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ، لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَلْزَمَهُمْ، وَلَا يَمْنَعَهُمْ مِنْ الْخُرُوجِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَلَا يُوَكِّلَ بِهِمْ مِنْ يَلْزَمُهُمْ.

حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ لَا يَسْجُنُ الْحُرَّ فِي الدَّيْنِ يَقُولُ: يَذْهَبُ فَيَسْعَى فِي دَيْنِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُحْبَسَ. وَإِنَّمَا حُقُوقُهُمْ فِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي وَضَعُوهَا فِيهَا، صَادَفَتْ عَدَمًا أَوْ مَلَاءً. مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَا يَسْتَحْلِفَانِ الْمُعْسِرَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ، وَمَا أَجِدُ لَهُ قَضَاءً فِي قَرْضٍ وَلَا عَرْضٍ، وَلَئِنْ وَجَدْتُ لَهُ قَضَاءً حَيْثُ لَا تَعْلَمُ لَنَقْضِيَنَّهُ. ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، أَنَّ الْحُرَّ إذَا أَفْلَسَ لَا يُؤَاجَرُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] سُورَةُ الْبَقَرَةِ.

[حَبْسِ الْوَالِدَيْنِ فِي دَيْنِ الْوَلَدِ وَالْوَلَدِ فِي دَيْنِ الْوَالِدِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَالِدَ، هَلْ يُحْبَسُ فِي دَيْنِ الْوَلَدِ؟ وَالْمَرْأَةَ هَلْ تُحْبَسُ فِي دَيْنِ الزَّوْجِ؟ أَوْ الزَّوْجَ فِي دَيْنِ الْمَرْأَةِ؟ أَوْ الْوَلَدَ فِي دَيْنِ الْوَالِدِ؟ أَوْ فِي دَيْنِ الْجَدِّ أَوْ الْجَدَّةِ؟ أَوْ الْجَدَّ فِي دَيْنِ وَلَدِ الْوَلَدِ؟ أَوْ الْعَبْدَ هَلْ يُحْبَسُ فِي الدَّيْنِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ سَوَاءٌ، إذَا تَبَيَّنَ لِلْقَاضِي الْإِلْدَادُ. فَالْوَلَدُ أَرَاهُ يُحْبَسُ فِي دَيْنِ الْوَالِدِ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ. وَأَمَّا الْوَالِدُ فَلَا أَرَى أَنْ يُحْبَسَ فِي دَيْنِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فَإِنَّهُمَا يُحْبَسَانِ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ فِي الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ مَنْ سِوَى الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي الدَّيْنِ، إذَا تَبَيَّنَ الْإِلْدَادُ لِلسُّلْطَانِ مِنْ الْمَطْلُوبِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ وَإِنْ لَمْ يَحْبِسْ الْوَالِدَ وَالْوَالِدَةَ فِي دَيْنِ الْوَلَدِ أَنْ يَظْلِمَ الْوَلَدَ لَهُمَا، وَإِنَّمَا رَأَيْتُ أَنْ لَا يُسْجَنَا لَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ، فِيمَا بَلَغَنِي فِي الِابْنِ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ أَبَاهُ فِي الشَّيْءِ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَحْلِفَ، فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ لَهُ فَالْحَلِفُ أَيْسَرُ مِنْ السِّجْنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَهْلَ الذِّمَّةِ فِي الدَّيْنِ وَالتَّفْلِيسِ مِثْلَ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ فِي الْحَبْسِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ سَوَاءٌ، وَالنَّصْرَانِيُّ عِنْدِي بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ.

[حَبْسِ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ فِي الدَّيْنِ وَفِي الْقِصَاصِ وَفِي الْحُرِّ يُؤَاجَرُ فِي الدَّيْنِ]

ِ فِي حَبْسِ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ فِي الدَّيْنِ وَفِي الْقِصَاصِ وَفِي الْحُرِّ يُؤَاجَرُ فِي الدَّيْنِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ فِي ذَلِكَ سَوَاءً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ وَالْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ وَالْمُكَاتَبِينَ وَالْمُدَبَّرِينَ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ؟

قَالَ: نَعَمْ، كُلُّهُمْ سَوَاءٌ عِنْدَنَا مِثْلَ الْأَحْرَارِ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>