وَابْنَ الْمُسَيِّبِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانُوا يُخْرِجُونَ أَصَابِعَهُمْ مِنْ أُنُوفِهِمْ مُخْتَضِبَةً دَمًا فَيَفْتِلُونَهُ وَيَمْسَحُونَهُ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَرَبِيعَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ مِنْ الدَّمِ لَا يَرَوْنَ فِيهِ وُضُوءًا.
وَقَالَ سَالِمٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِثْلَهُ.
[الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ وَالْوَطْءِ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ]
مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ وَالْوَطْءِ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِي الدِّرْعِ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» وَهَذَا فِي الْقِشْبِ الْيَابِسِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: دَهْرَهُ فِي الرَّجُلِ يَطَأُ بِخُفِّهِ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ أَنَّهُ يَغْسِلُهُ وَلَا يُصَلِّي فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ، ثُمَّ كَانَ آخِرَ مَا فَارَقْنَاهُ عَلَيْهِ أَنْ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا، قَالَ: وَمَا كَانَ النَّاسُ يَتَحَفَّظُونَ هَذَا التَّحَفُّظَ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ وَطِئَ بِخُفَّيْهِ أَوْ بِنَعْلَيْهِ عَلَى دَمٍ أَوْ عَلَى عَذِرَةٍ قَالَ: لَا يُصَلِّي فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ، قَالَ: وَإِذَا وَطِئَ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا؟
قَالَ: فَهَذَا يَدْلُكُهُ وَيُصَلِّي بِهِ وَهَذَا خَفِيفٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ لَيْلًا فَلْيَدْلُكْ نَعْلَيْهِ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا فَلْيَنْظُرْ إلَى أَسْفَلِهِمَا» . قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: نَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِبَوْلِ الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ وَالْخَيْلِ وَأَرْوَاثِهَا وَلَا نَكْرَهُ ذَلِكَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَقَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَعَطَاءٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ وَنَافِعٌ وَأَبُو الزِّنَادِ وَسَالِمٌ وَمُجَاهِدٌ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ أَبْوَالِ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَإِنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ فَلَا يَغْسِلُهُ، وَيَرَوْنَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ أَبْوَالِ الدَّوَابِّ: الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنْ يَغْسِلَهُ وَاَلَّذِي فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ تُشْرَبُ أَلْبَانُهَا وَتُؤْكَلُ لُحُومُهَا، وَأَنَّ هَذِهِ لَا تُشْرَبُ أَلْبَانُهَا وَلَا تُؤْكَلُ لُحُومُهَا وَقَدْ سَأَلْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ هَذَا فَقَالُوا لِي هَذَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشُونَ حُفَاةً فَمَا وَطَئُوا عَلَيْهِ مِنْ قَشَبٍ رَطْبٍ غَسَلُوهُ وَمَا وَطَئُوا عَلَيْهِ مِنْ قَشَبٍ يَابِسٍ لَمْ يَغْسِلُوهُ.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنَّا نَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْطِئٍ» قَالَ وَكِيعٌ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُجَاشِعٍ التَّغْلِبِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كُهَيْلٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَخُوضُ طِينَ الْمَطَرِ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِطِينِ الْمَطَرِ وَمَاءِ الْمَطَرِ الْمُسْتَنْقَعِ فِي السِّكَكِ وَالطُّرُقِ