للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ ذَلِكَ حَائِطَهُ أَوْ يَبِيعُ ثَمَرَتَهُ، أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُشْتَرِي الثَّمَرَةِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ كَمَا كَانَ يَجُوزُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْمَسَاكِينِ إذَا أَسْكَنَ الرَّجُلُ رَجُلًا حَيَاتَهُ فِي وَصِيَّتِهِ أَوْ غَيْرِ وَصِيَّتِهِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: وَلَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَبِيعَ خِدْمَتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِثْلَ مَا كَانَ يَجُوزُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ خِدْمَتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يَدْرِي كَمْ يَعِيشُ إلَّا أَنْ يُوَقِّتَ وَقْتًا قَرِيبًا لَيْسَ بِالْبَعِيدِ.

قُلْتُ: وَمَا هَذَا الْقَرِيبُ؟

قَالَ: السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ وَالْأَمَدُ الْمَأْمُونُ، وَلَا يُكْرِيهِ إلَى الْأَمَدِ الْبَعِيدِ الَّذِي لَيْسَ بِمَأْمُونٍ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا عَشْرَ سِنِينَ، أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ وَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.

قُلْتُ: وَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْخِدْمَةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا وَهَذَا الَّذِي ابْتَدَأَ، إجَارَةَ الْعَبْدِ جَوَّزْتَهُ لِهَذَا وَلَمْ تُجَوِّزْهُ لِذَلِكَ الْأَجَلِ الْبَعِيدِ؟

قَالَ: لِأَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ إذَا مَاتَ ثَبَتَ الْكِرَاءُ لِمَنْ تَكَارَاهُ عَلَى الْوَرَثَةِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ سِنِيهِ، وَلِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ إذَا مَاتَ بَطَلَ فَضْلُ مَا تَكَارَى إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْأَمْرُ الْمَأْمُونُ.

قُلْتُ: فَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ عَشْرَ سِنِينَ، فَأَكْرَاهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ عَشْرَ سِنِينَ، أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ حَيَاتَهُ، لِأَنَّ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ فَوَرَثَتُهُ يَرِثُونَ خِدْمَتَهُ بَقِيَّةَ تِلْكَ السِّنِينَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي أَوْصَى بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ حَيَاتَهُ، فَصَالَحَ الْوَرَثَةَ مِنْ خِدْمَتِهِ عَلَى مَالِ أَخَذَهُ، فَمَاتَ الْعَبْدُ وَبَقِيَ الْمُخْدَمُ حَيًّا، هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْهُمْ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ بَيْعٌ تَامٌّ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَخَذُوهُ لِيَجُوزَ فِعْلُهُمْ فِيهِ فَهُوَ كَالشِّرَاءِ التَّامِّ.

[فِيمَنْ أَوْصَى بِسُكْنَى دَارِهِ أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ فَيُرِيدُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِي بِسُكْنَى دَارِهِ، أَيَكُونُ لِي أَنْ أُؤَاجِرَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ أَوْصَى لِي بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ؟

قَالَ: نَعَمْ، لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا. قَالَ لَهُ: اخْدِمْ ابْنِي مَا عَاشَ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ اخْدِمْ ابْنَ أَخِي أَوْ ابْنَتِي أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، فَيَكُونُ مِنْ الْعَبِيدِ الَّذِينَ لَا يُرَادُ بِهِمْ الْخِدْمَةُ، وَإِنَّمَا نَاحِيَتُهُمْ الْحَضَانَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْقِيَامُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ لِأَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: اخْدِمْ ابْنِي أَوْ ابْنَتِي أَوْ ابْنَ أَخِي عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ يَقُولُ: اخْدِمْهُ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةُ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، يَقُولُ ذَلِكَ لِعَبْدِهِ أَوْ لِجَارِيَتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ الَّذِي قِيلَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>