وَلَا أَرَاهُ جَائِزًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا مُتَعَدٍّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ مَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْطَى رَجُلًا قِرَاضًا، عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا صِنْفَ كَذَا وَكَذَا، الصِّنْفُ غَيْرُ مَوْجُودٍ كَانَ قِرَاضًا لَا يَجُوزُ فَلَوْ اشْتَرَى غَيْرَ مَا أَمَرْتُهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَيَكُونُ الْفَضْلُ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ لِرَبِّ الْمَالِ.
وَإِنْ كَانَتْ وَضِيعَةً فَعَلَيْهِ، وَلَا أَجْرَ لَهُ فِي الْوَضِيعَةِ وَيُعْطَى مِنْ الْفَضْلِ إذَا كَانَ فِي السِّلْعَةِ عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ، لِأَنِّي إنْ ذَهَبْتُ أُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِهِ وَقَدْ تَعَدَّى، فَلَعَلَّ أَجْرَ مِثْلِهِ يَذْهَبُ بِالْفَضْلِ وَبِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ، فَيَكُونُ هَذَا قَدْ نَالَ بِتَعَدِّيهِ وَجْهَ مَا طَلَبَ وَأَرَادَ وَقَدْ قَالَ رَبِيعَةُ فِي الْمُتَعَدِّي فِي الْقِرَاضِ: إنْ وَضَعَ ضَمِنَ، وَإِنْ رَبِحَ أُدِّبَ، بِأَنْ يُحْرَمَ الرِّبْحَ الَّذِي أَرَادَ، وَيُعْطَى مِنْهُ عَلَى قَدْرِ شَرْطِهِ. فَالْمُتَعَدِّي فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ كَذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فِي الْمُقَارَضِ يَبِيعُ بِالنَّسِيئَةِ]
ِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، وَهُوَ ضَامِنٌ إذَا بَاعَ بِالنَّسِيئَةِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. فِي الْمُقَارِضِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالِهِ إلَّا سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَمَرَهُ أَنْ لَا يَعْدُوَ الْبَزَّ يَشْتَرِيهِ بِمُقَارَضَتِهِ، فَلَا يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَارِضَهُ عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا الْبَزَّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَزُّ مَوْجُودًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَمَرَهُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا الْبَزَّ فَاشْتَرَاهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْبَزَّ بِالْعَرَضِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ فَقَدْ صَارَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ غَيْرَ الْبَزِّ. قُلْتُ: فَإِنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، فَجِئْتُهُ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي شَيْءٍ، فَقُلْتُ لَهُ: لَا تَتَّجِرْ بِهَا إلَّا فِي الْبَزِّ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَكَ إذَا كَانَ الْمُقَارَضُ لَمْ يَصْرِفْهَا فِي شَيْءٍ، وَكَانَ الْبَزُّ مَوْجُودًا لَا يَخْلُفُ فِي شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَحَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّهُ كَانَ يَدْفَعُ الْمَالَ الْمُقَارَضَةُ إلَى الرَّجُلِ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْزِلَ بِهِ بَطْنَ وَادٍ، وَلَا يَبْتَاعَ بِهِ حَيَوَانًا، وَلَا يَحْمِلَهُ فِي بَحْرٍ، وَلَا يَشْتَرِيَ بِلَيْلٍ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ ضَمِنَ الْمَالَ، وَإِنْ تَعَدَّى أَمْرَهُ ضَمِنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَكَانَ السَّبْعَةُ يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ أَهْلِ فَضْلٍ وَفِقْهٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute