[ارْتَهَنَ غَنَمًا فَوَلَدَتْ فِي الرَّهْنِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَصْوَافَ الْغَنَمِ وَأَلْبَانَهَا وَسُمُونَهَا وَأَوْلَادَهَا، أَيَكُونُ ذَلِكَ رَهْنًا مَعَهَا قَالَ: أَمَّا أَوْلَادُهَا فَهِيَ رَهْنٌ مَعَ الْأُمَّهَاتِ عِنْدَ مَالِكٍ. وَأَمَّا الْأَصْوَافُ وَالْأَلْبَانُ وَالسُّمُونُ فَلَا تَكُونُ رَهْنًا مَعَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ صُوفًا كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ ارْتَهَنَهَا، فَأَرَاهُ رَهْنًا مَعَهَا إذَا كَانَ يَوْمئِذٍ قَدْ تَمَّ؛ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا ارْتَهَنَ دَارًا أَنَّ غَلَّتَهَا لَا تَكُونُ رَهْنًا مَعَهَا، وَإِذَا ارْتَهَنَ غُلَامًا أَنَّ خَرَاجَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا مَعَهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا كَانَتْ غَلَّتُهُمَا لَهُ، فَالرَّهْنُ لَا يُشْبِهُ الْبُيُوعَ.
[الرَّهْن يَجْعَل عَلَى يَدِي عَدْل فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ بَاعَهُ الْعَدْلُ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ]
فِي الرَّهْنِ يُجْعَلُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ أَوْ يَكُونُ عَلَى يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ بَاعَهُ الْعَدْلُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَهَنْت رَهْنًا وَجَعَلْنَاهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، أَوْ عَلَى يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ إلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ جَاءَ الرَّاهِنُ بِحَقِّهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ مُسَلَّطٌ عَلَى بَيْعِهِ، وَيَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ ذَلِكَ حَقَّهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُبَاعُ الرَّهْنُ وَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ، كَانَ عَلَى يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: وَإِنْ بِيعَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَلَمْ يُرَدَّ، وَذَلِكَ رَأْيِي.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّهُ يَبِيعُهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، فَإِنَّهُ إذَا حَلَّ الْحَقُّ رَفَعَهُ الْمُرْتَهِنُ إلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ أَوْفَاهُ حَقَّهُ وَإِلَّا بَاعَ لَهُ الرَّهْنَ فَأَوْفَاهُ حَقَّهُ.
[ارْتَهَنَ رَهْنًا فَأَرْسَلَ وَكِيلَهُ يَقْبِضُ لَهُ الرَّهْنَ فَقَبَضَهُ فَضَاعَ الرَّهْنُ]
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَهَنْت رَهْنًا فَبَعَثْتُ وَكِيلًا يَقْبِضُ الرَّهْنَ فَضَاعَ الرَّهْنُ - وَهُوَ مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ - أَيَكُونُ الضَّيَاعُ مَنْ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَبَضَهُ، أَوْ تَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، أَوْ تَجْعَلُ ضَيَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ وَكِيلَهُ قَبَضَهُ؟
قَالَ: قَبْضُ الْوَكِيلِ إذَا وَكَّلَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّمَا هُوَ كَقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ، فَضَيَاعُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. وَإِنَّمَا يَكُون الْعَدْلُ الَّذِي يَتَرَاضَيَانِ بِهِ جَمِيعًا - الْمُرْتَهِنُ وَالرَّاهِنُ - أَنْ يَجْعَلَا الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْهِ، فَهَذَا الَّذِي يَكُونُ عَدْلًا وَيَكُونُ ضَيَاعُ الرَّهْنِ فِيهِ مِنْ الرَّاهِنِ، فَأَمَّا رَسُولُ الْمُرْتَهِنِ فَلَيْسَ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدْلِ فِي هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute