للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي الشَّرِكَةِ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ وَالْمَعَادِنِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا فِي حَفْرِ الْقُبُورِ وَحَفْرِ الْمَعَادِنِ وَالْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَبِنَاءِ الْبُنْيَانِ وَعَمَلِ الطِّينِ وَضَرْبِ اللَّبِنِ وَطَبْخِ الْقَرَامِيدِ وَقَطْعِ الْحِجَارَةِ مِنْ الْجِبَالِ؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ كُلُّهُ عِنْدَ مَالِك لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي هَذَا جَمِيعًا مَعًا. فَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ هَذَا فِي نَاحِيَةٍ وَهَذَا فِي نَاحِيَةٍ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَعْمَالِ بِالْأَيْدِي، لَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَعْمَلَا، إلَّا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ. فَكَذَلِكَ هَذَانِ، لَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَعْمَلَا إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا فِي حَفْرِ الْمَعَادِنِ؟ قَالَ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، إذَا كَانَا يَعْمَلَانِ جَمِيعًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، يَحْفِرَانِ فِيهِ، وَلَا يَعْمَلُ هَذَا فِي غَارٍ وَهَذَا فِي غَارٍ. قُلْتُ: فَإِذَا عَمِلَا فِي الْمَعَادِنِ جَمِيعًا، فَمَا أَدْرَكَا مِنْ نَيْلٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَا أَدْرَكَا النَّيْلَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَعَادِنِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، لِأَنَّهَا إذَا مَاتَ صَاحِبُهَا الَّذِي عَمِلَهَا، أَقْطَعَهَا السُّلْطَانُ لِغَيْرِهِ، فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا. فَأَرَى الْمَعَادِنَ لَا تُورَثُ، لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ صَاحِبُهُ رَجَعَ إلَى السُّلْطَانِ يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ، وَيُقْطِعُهُ لِمَنْ يَرَى.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا ظَهَرَ مِنْ الْمَعَادِنِ، مِثْلُ مَعَادِنِ إفْرِيقِيَّةَ مَاذَا تَرَى فِيهَا؟ قَالَ: أَرَى ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ يُقْطِعُهَا لِلنَّاسِ يَعْمَلُونَهَا، وَلَا يَرَاهَا لِأَهْلِ الْبَلَدِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا فِي حَفْرِ الْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، أَيَكُونُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِثْلَ الْمَعَادِنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ أَمْ يَجْعَلُهُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ؟ وَمَا كَانَ مِنْ مَعَادِنِ النُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْجَوْهَرِ كُلُّهُ، كَيْفَ يَكُونُ سَبِيلُهُ؟ قَالَ: أَرَى سَبِيلَهُ مِثْلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، إذَا مَاتَ الْعَامِلُ صَنَعَ السُّلْطَانُ فِيهَا، مِثْلَ مَا يَصْنَعُ فِي مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

[فِي الشَّرِكَةِ فِي طَلَبِ اللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ وَمَا يَقْذِفُ الْبَحْرُ]

ُ قُلْتُ: أَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي اسْتِخْرَاجِ اللُّؤْلُؤِ مِنْ الْبَحْرِ، وَطَلَبِ الْعَنْبَرِ عَلَى ضِفَّةِ الْبَحْرِ، وَجَمِيعِ مَا يَقْذِفُ بِهِ الْبَحْرُ، وَالْغَوْصِ فِي الْبَحْرِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، إذَا كَانَا يَعْمَلَانِ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ مَا يَكُونَانِ فِي الْمَرْكَبِ، يَرْكَبَانِ جَمِيعًا وَيَقْذِفَانِ جَمِيعًا وَيَتَعَاوَنَانِ جَمِيعًا. وَكَذَلِكَ الصَّيَّادَانِ يَخْرُجَانِ جَمِيعًا فِي الْمَرْكَبِ، فَيَقْذِفَانِ جَمِيعًا وَيَصْطَادَانِ وَيَتَعَاوَنَانِ جَمِيعًا فِيمَا يَحْتَاجَانِ إلَيْهِ. قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا كَانَا يَعْمَلَانِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِثْلُ مَا وَصَفْتُ لَكَ

[الشَّرِكَةُ فِي طَلَبِ الْكُنُوزِ]

ِ قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَطْلُبَا الْكُنُوزَ وَالرِّكَازَ وَكُلَّ مَا كَانَ مَنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>