ذَكَرَهُ مَالِكٌ. وَإِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ذَكَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِوَجْهِ اللَّهِ فَذَلِكَ لَهُ، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يُرِيدُ ثَوَابَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهَا إذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا، ذَكَرَهُ أَيْضًا مَالِكٌ.
[فِي الرَّجُلِ يَحْبِسُ دَارِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ]
َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَبَسَ غَلَّةَ دَارٍ لَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَكَانَتْ فِي يَدَيْهِ يُخْرِجُ غَلَّتَهَا كُلَّ عَامٍ فَيُعْطِيهَا الْمَسَاكِينَ حَتَّى مَاتَ وَهِيَ فِي يَدَيْهِ، أَتَكُونُ غَلَّتُهَا لِلْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَمْ تَكُونُ مِيرَاثًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَهِيَ مِيرَاثٌ، وَإِنْ كَانَ يَقْسِمُ غَلَّتَهَا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَنَا فِي الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ: إنَّهُ مُخَالِفٌ لِلدُّورِ وَالْأَرَضِينَ إذَا كَانَ لَهُ خَيْلٌ أَوْ سِلَاحٌ فَجَعَلَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكَانَ يُعْطِي الْخَيْلَ يُغْزَى عَلَيْهَا أَيَّامَ غَزْوِهَا، وَإِذَا قَفَلَتْ رُدَّتْ إلَيْهِ فَقَامَ عَلَيْهَا وَأَعْلَفَهَا وَالسِّلَاحُ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَنْقَذَهَا فِي حَيَاتِهِ هَكَذَا وَإِنْ كَانَتْ تَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الْقَفْلِ، فَأَرَاهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ. وَلَا يُشْبِهُ هَذَا عِنْدِي النَّخْلَ وَلَا الدُّورَ وَالْأَرَضِينَ.
[حَبَسَ ثَمَرَةَ حَائِطِهِ عَلَى أَجَلٍ فَمَاتَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَتْ]
ْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَبَسْت ثَمَرَةَ حَائِطِي عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ حَيَاتَهُ، فَأَخَذَ النَّخْلَ فَكَانَ يَأْخُذُ ثَمَرَهَا، ثُمَّ إنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ مَاتَ وَفِي رُءُوسِ النَّخْلِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، لِمَنْ يَكُونُ الثَّمَرُ، أَلِوَرَثَةِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ أَوْ لِوَرَثَةِ رَبِّ النَّخْلِ؟ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَ حَائِطًا لَهُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، فَكَانُوا يَسْقُونَ وَيَقُومُونَ عَلَى النَّخْلِ، فَمَاتَ بَعْضُهُمْ وَفِي رُءُوسِ النَّخْلِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَقَدْ أُبِّرَتْ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَاهَا لِلَّذِينَ بَقَوْا مِنْهُمْ يَتَقَوَّوْنَ بِهَا عَلَى سَقْيِهِ وَعَمَلِهِ، وَلَيْسَ مَنْ مَاتَ فِيهَا شَيْءٌ وَلَوْ طَابَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ أَحَدٌ كَانَ حَقُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِيهَا ثَابِتًا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ، فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا إنْ مَاتَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَطِيبَ الثَّمَرَةُ فَهِيَ تَرْجِعُ إلَى الْمُحْبِسِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَمَا تَطِيبُ الثَّمَرَةُ كَانَتْ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ.
قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ: هَذَا إذَا كَانَتْ صَدَقَةً مُحْبَسَةً وَكَانُوا هُمْ يَلُونَ عَمَلَهَا. قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا مَالِكٌ غَيْرَ مَرَّةٍ وَنَزَلْتُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ مِثْلَ مَا أَخْبَرْتُكَ وَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَةً تُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ غَلَّتُهَا فَقَطْ، وَلَيْسُوا يَلُونَ عَمَلَهَا فَنَصِيبُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ الْمُحْبِسِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ كَانَ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ: يَكُونُ عَلَى مَنْ بَقِيَ وَلَيْسَ يَرْجِعُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ إلَى الْمُحْبِسِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَرَوَى الرُّوَاةُ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَعَلِيٌّ الْمَخْزُومِيُّ وَأَشْهَبُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ حَبَسَ غَلَّةَ دَارٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute