[كِتَابُ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِيمَنْ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ فِي ثَمَنِهَا سَنَةً. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ اشْتَرَطَ إنْ تَلِفَ الْمَالُ أَخْلَفَهُ لَهُ الْبَائِعُ حَتَّى يُتِمَّ عَمَلَهُ بِهِمَا سَنَةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَفُسِخَ وَهَذَا يُشْبِهُ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ الرَّجُلَ لِيَرْعَى لَهُ غَنَمَهُ هَذِهِ بِأَعْيَانِهَا سَنَةً فَهُوَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطَا مَا مَاتَ مِنْهُمَا فَعَلَى رَبِّ الْغَنَمِ خَلَفُهَا وَإِلَّا فَلَا خَيْرَ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ، وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ الَّتِي بَاعَ بِهَا سِلْعَةً وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَعْمَلَ بِهَا سَنَةً فَكَذَلِكَ هُوَ لَا يَصْلُحُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ إنْ ضَاعَتْ الدَّنَانِيرُ، فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُخْلِفَهَا حَتَّى تَتِمَّ السَّنَةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَطَا إنْ ضَاعَتْ الدَّنَانِيرُ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُخْلِفَهَا فَضَاعَتْ الدَّنَانِيرُ فَقَالَ الْبَائِعٌ: لَا أُرِيدُ أَنْ أُخْلِفَهَا، وَلَا أُرِيدُ عَمَلًا بِهَا؟ قَالَ: يُقَالُ: اذْهَبْ بِسَلَامٍ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ رَاعِي الْغَنَمِ بِأَعْيَانِهَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ سَنَةً يَرْعَاهَا بِأَعْيَانِهَا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّ مَا ضَاعَ مِنْهَا أَخْلَفَهُ فَهَلَكَ مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ رَبُّ الْغَنَمِ: لَا أُرِيدُ أَنْ أُخْلِفَهَا فَقَالَ: يُقَالُ لَهُ: أَوْفِ الْإِجَارَةَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ إنْ شِئْتَ فَأَخْلِفْهَا، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تُخْلِفْهَا، وَلَا يَصْلُحُ لَهُ فِي الْأَصْلِ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ مَا مَاتَ مِنْهَا أَخْلَفَهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: وَلِمَ أَجَازَ مَالِكٌ هَذَا الْبَيْعَ أَنْ يَبِيعَهُ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا سَنَةً فَإِنْ تَلِفَتْ أَخْلَفَهَا الْبَائِعُ فَيَعْمَلُ بِهَا؟
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا يُجِيزُ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ أَنْ يَجْتَمِعَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute