للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا هَذَا بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَعْمَلُ الرَّجُلُ فِيهَا سَنَةً؛ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّكَ اسْتَأْجَرْتَ رَجُلًا يَعْمَلُ لَكَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ دِينَارٍ سَنَةً أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا اشْتَرَطْتَ عَلَيْهِ إنْ ضَاعَتْ أَخْلَفَهَا فَيَعْمَلُ بِهَا، فَإِنْ ضَاعَتْ فَإِنْ شِئْتَ فَأَخْلِفْهَا وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تُخْلِفْهَا، وَالْإِجَارَةُ قَدْ لَزِمَتْكَ لَهُ تَامَّةً وَلَا تَصْلُحُ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ شَرْطٌ إنْ ضَاعَتْ الدَّنَانِيرُ أَخْلَفْتَهَا فَيَعْمَلُ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الثَّوْبِ يَكُونُ لِلرَّجُلِ فَيَبِيعُ نِصْفَهُ مَنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ: إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: أَبِيعُك نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ بِبَلَدٍ مَنْ الْبُلْدَانِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَبِيعُك نِصْفَ هَذَا الْحِمَارِ عَلَى أَنْ تَبِيعَ لِي النِّصْفَ الْبَاقِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا لِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ قَالَ: أَبِيعُك نِصْفَ هَذَا الطَّعَامَ، وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ عَلَى أَنْ تَخْرُجَ بِهِ كُلِّهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَتَبِيعهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ هَذَا.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ أَبِيعُكَ نِصْفَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي سَأَلْتُكَ عَنْهَا عَلَى أَنْ تَبِيعَ لِي نِصْفَهَا فِي مَوْضِعٍ حَيْثُ بِعْتُهُ السِّلْعَةَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قَالَ سَحْنُونٌ: مَا خَلَا الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ إذَا ضَرَبْتَ لِذَلِكَ أَجَلًا عَلَى أَنْ تَبِيعَ لِي نِصْفَهَا إلَى شَهْرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي الثَّوْبِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ضَرَبْتُ لِذَلِكَ أَجَلًا، فَبَاعَهَا قَبْلَ الْأَجَلِ؟ فَقَالَ: لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ الْأَجَلِ إنْ كَانَ بَاعَهَا فِي نِصْفِ الْأَجَلِ، فَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَيْعِ السِّلْعَةِ؟ فَقَالَ: لَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

قُلْتُ: وَلِمَ لَمْ يُجِزْهُ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ لِذَلِكَ أَجَلًا؟

قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا كَرِهَ أَنْ يَجْتَمِعَ الْبَيْعُ وَالْجُعْلُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَرِهَ أَيْضًا أَنْ تَجْتَمِعَ الْإِجَارَةُ وَالْجُعْلُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّمَا جَوَّزَ مَالِكٌ الْجُعْلَ فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ إذَا كَانَ حَاضِرًا مِثْلَ الثَّوْبِ أَوْ الثَّوْبَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>