للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: أَرَى أَنْ لَا يَشُقَّ مِنْ رَأْسِ هَذَا إلَّا بِقَدْرِ طُولِ الشَّجَّةِ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْمَشْجُوجُ إنَّمَا أَخَذَتْ الْمُوضِحَةُ نِصْفَ رَأْسِهِ، وَهِيَ مَنْ الشِّجَاجِ تَبْلُغُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ؟ قَالَ: يُقَاسُ لَهُ بِقَدْرِهِ فَيَشُقُّ مِنْهُ بِقَدْرِهِ، كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْجَارِحِ أَوْ أَكْثَرَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ فِي الْعَمْدِ، أَفِيهِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَطَعَ رَجُلٌ يَمِينَ رَجُلٍ - وَالْقَاطِعُ يَمِينُهُ شَلَّاءُ - أَيَكُونُ لِلْمَقْطُوعَةِ يَمِينُهُ أَنْ يَقْتَصَّ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا، لَيْسَ لَهُ إلَّا الْعَقْلُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْأَعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَيْ رَجُلٍ جَمِيعًا عَمْدًا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِعَيْنِهِ وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ فِي عَيْنِهِ الْأُخْرَى خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ عَمْدًا، فَوَثَبَ رَجُلٌ عَلَى الْقَاطِعِ فَقَطَعَ يَمِينَهُ خَطَأً، أَيَكُونُ فِي يَدِهِ عَقْلٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ فِي يَدِهِ الْعَقْلُ نِصْفُ الدِّيَةِ.

قُلْتُ: فَلِمَنْ يَكُونُ ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ لِلْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ عَمْدًا لِأَنَّهُ كَانَ أَوْلَى بِيَدِ هَذَا مِنْ نَفْسِهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ هَذَا الْقَاطِعِ عَمْدًا - قَطَعَهَا رَجُلٌ آخَرُ عَمْدًا - أَيَكُونُ فِيهِ الْقِصَاصُ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِيهَا الْقِصَاصُ.

قُلْتُ: فَلِمَنْ يَكُونُ، لِلْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ، الْأَوَّلِ أَمْ لِهَذَا الثَّانِي؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقِصَاصُ لِلْأَوَّلِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهُ كَانَ أَحَقَّ بِيَدِ هَذَا الْمَقْطُوعِ الثَّانِي مِنْ نَفْسِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ وَلِيًّا لِي عَمْدًا، فَوَثَبَ رَجُلٌ عَلَى هَذَا الْقَاتِلِ فَقَتَلَهُ عَمْدًا أَيْضًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْآخَرِ أَرْضُوا أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَخُذُوا قَاتِلَ وَلِيِّكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ مَا شِئْتُمْ فَإِنْ أَرْضَوْا أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا دُفِعَ الْقَاتِلُ الثَّانِي إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ فَصَنَعُوا بِهِ مَا أَرَادُوا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ أَوْلِيَاءُ الْقَاتِلِ الْآخَرِ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ: خُذُوا مِنَّا الدِّيَةَ، أَوْ خُذُوا مِنَّا أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ وَكُفُّوا عَنْ هَذَا الْقَاتِلِ الْآخَرِ الَّذِي قَتَلَ وَلِيَّنَا فَنَقْتُلُهُ نَحْنُ أَوْ نَسْتَحْيِيهِ. وَقَالَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ: لَا نَأْخُذُ مِنْكُمْ مَالًا، وَلَكِنَّا نَأْخُذُهُ فَنَقْتُلُهُ نَحْنُ. أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَرْضَوْهُمْ وَإِلَّا أُسْلِمَ إلَيْهِمْ. فَأَرَى إذَا أَبَوْا فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَلَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْضَوْا.

[الرَّجُلِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَيَثِبُ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَيَفْقَأُ عَيْنَهُ]

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَيَثِبُ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَيَفْقَأُ عَيْنَهُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَحُبِسَ لِيُقْتَلَ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فِي الْحَبْسِ فَفَقَأَ عَيْنَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُسْتَقَادُ مِنْهُ وَلَهُ وَتُعْقَلُ جِرَاحَاتُهُ مَا لَمْ يُقْتَلْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنَّهُ أَوْلَى بِجِرَاحَاتِ نَفْسِهِ - كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً - إنْ كَانَ عَمْدًا كَانَ لَهُ الْقِصَاصُ، إنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ عَفَا. وَإِنْ كَانَ خَطَأً كَانَ لَهُ الْأَرْشُ. وَلَيْسَ لِوُلَاةِ الْمَقْتُولِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، إنَّمَا لَهُمْ نَفْسُهُ وَهُمْ أَوْلَى بِمَنْ قَتَلَهُ، فَأَمَّا جُرْحُهُ فَلَيْسُوا بِأَوْلَى بِهِ مِنْهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ فَأَمْكَنَهُمْ مِنْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>