للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَائِزَةٌ، وَيُعْطَى هَذَا الْوَارِثُ قَدْرَ النَّفَقَةِ وَالْكِرَاءِ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ فَضْلٌ عَنْ كَرَائِهِ وَنَفَقَةِ مِثْلِهِ لَمْ يُعْطَ الْفَضْلَ، وَرُدَّ الْفَضْلُ إلَى الْوَرَثَةِ: قُلْتُ مَتَى سَمِعْتَ هَذَا مِنْ مَالِكٍ؟ أَرَاك تُخْبِرُ هَهُنَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُجِيزُ الْوَصِيَّةَ فِي الْحَجِّ وَيَأْمُرُ بِأَنْ تُنْفَذَ، وَقَدْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ؟

قَالَ: إنَّمَا كَانَ يَكْرَهُهُ وَلَا يَرَى أَنْ يُفْعَلَ وَيَقُولُ: إذَا أَوْصَى بِهِ أُنْفِذَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَمْ تُرَدَّ وَحَجَّ عَنْهُ، فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي لَا نَعْلَمُهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ عِنْدَنَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْت هَذِهِ الْوَصِيَّةَ فِي الْحَجِّ الَّتِي تَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ، أَفَرِيضَةٌ هِيَ أَمْ نَافِلَةٌ؟

قَالَ: الَّذِي سَمِعْنَا مِنْ مَالِكٍ فِي الْفَرَائِضِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ فِي غَيْرِ فَرِيضَةٍ رَأَيْتَ أَنْ تَجُوزَ وَصِيَّتُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى هَذَا الْمَيِّتُ فَقَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِثُلُثِي، وَفُلَانٌ ذَلِكَ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُ وَارِثٍ، كَيْفَ يَكُونُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ وَارِثًا دُفِعَ إلَيْهِ قَدْرُ كَرَائِهِ وَنَفَقَتِهِ وَرُدَّ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ دُفِعَ إلَيْهِ الثُّلُثُ يَحُجُّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ عَنْ الْحَجِّ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ.

قُلْتُ: لِمَ جَعَلَ مَالِكٍ لِهَذَا الرَّجُلِ مَا فَضَلَ عَنْ الْحَجِّ؟

قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُدْفَعُ إلَى النَّفَقَةُ لِيَحُجَّ عَنْ رَجُلٍ فَيَفْضُلُ عَنْ حَجِّهِ مِنْ النَّفَقَةِ فَضْلَةٌ، لِمَنْ تَرَاهَا؟

قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانُوا اسْتَأْجَرُوهُ فَلَهُ مَا فَضَلَ، وَإِنْ كَانَ أُعْطِيَ عَلَى الْبَلَاغِ رَدَّ مَا فَضَلَ.

قُلْتُ: فَسِّرْ لِي مَا الْإِجَارَةُ وَمَا الْبَلَاغُ؟

قَالَ: إذَا اسْتَأْجَرُوهُ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْ فُلَانٍ فَهُوَ إجَارَةٌ، لَهُ مَا زَادَ وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُ: خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَحُجَّ عَنْ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْنَا مَا نَقَصَ عَنْ الْبَلَاغِ، أَوْ يُقَالُ لَهُ: خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَحُجَّ مِنْهَا عَنْ فُلَانٍ، فَهَذَا عَلَى الْبَلَاغِ لَيْسَتْ إجَارَةً. وَالنَّاسُ يَعْرِفُونَ كَيْفَ يَأْخُذُونَ إنْ أَخَذُوا عَنْ الْبَلَاغِ فَهُوَ عَلَى الْبَلَاغِ، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ ضَمِنُوا الْحَجَّ فَقَدْ ضَمِنُوا الْحَجَّ.

[الْمَرِيضُ تَحِلُّ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخْرَجَ رَجُلٌ زَكَاةَ مَالِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُنْفِذَهَا؟

قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ تَحِلُّ زَكَاةُ مَالِهِ، فَيَقْدَمُ عَلَيْهِ الْمَالُ مَنْ الْبَلَدِ الْغَائِبِ وَيَعْرِفُ أَنَّهُ قَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ فَيُخْرِجُهَا وَهُوَ مَرِيضٌ، مِنْ أَيْنَ تَرَاهَا؟ أَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الثُّلُثِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا تَبَيَّنَ هَكَذَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا أَخْرَجَ مَا حَلَّ عَلَيْهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ يَأْتِيهِ الْمَالُ الْغَائِبُ أَوْ يَقْتَضِي الدَّيْنَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَقَدْ حَلَّتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَأَرَاهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَيْسَ مِنْ الثُّلُثِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَدِمَتْ عَلَيْهِ أَمْوَالٌ، قَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ زَكَاتَهَا قَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ، وَاقْتَضَى دَيْنًا قَدْ حَلَّ زَكَاتُهُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهَا، أَتُجْبَرُ الْوَرَثَةُ أَوْ يُؤْمَرُونَ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُجْبَرُوا عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَطَّوَّعُوا بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>