قُلْت: لِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ إذَا سَلَّفْت فِي دَجَاجٍ أَنْ آخُذَ مَكَانَهَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ إوَزًّا أَوْ حَمَامًا وَلَمْ يُجَوِّزْ لِي إذَا سَلَّفْت فِي دَجَاجٍ أَنْ آخُذَ مَكَانَهَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ طَيْرًا مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ؟
قَالَ: لِأَنَّ طَيْرَ الْمَاءِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْأَكْلُ، وَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ مَالِكٌ مِنْ وَجْهِ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الْحَيَوَانُ بِاللَّحْمِ.
قَالَ أَشْهَبُ: هُوَ جَائِزٌ.
قُلْت: وَلِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ لِي إذَا سَلَّفْت فِي دَجَاجٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ أَنْ آخُذَ بِهِ حَمَامًا أَوْ إوَزًّا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الدَّاجِنِ الْمَرْبُوبِ عِنْدَ النَّاسِ؟
قَالَ: لِأَنَّك لَوْ سُلِّفْت الَّذِي كُنْت أَسْلَفْت فِي الدَّجَاجِ فِي هَذَا الْإِوَزِّ وَالْحَمَامِ لَجَازَ، فَنَحْنُ إذَا أَلْغَيْنَا الدَّجَاجَ وَجَعَلْنَا سَلَفَك فِي هَذَا الْحَمَامِ وَهَذَا الْإِوَزِّ كَانَ جَائِزًا فَلِذَلِكَ جَازَ، وَلِأَنَّك لَوْ أَنَّك أَخَذْت دَجَاجَةً بِدَجَاجَتَيْنِ يَدًا بِيَدٍ جَازَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، وَكَذَلِكَ الْعَرُوضُ كُلُّهَا مَا خَلَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، فَإِنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ إذَا سَلَّفْت فِيهِمَا لَمْ يَصْلُحْ أَنْ تَبِيعَهُمَا مِنْ صَاحِبِهِمَا وَلَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِمَا الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الطَّعَامَ إلَّا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ إذَا حَلَّ أَجَلُهُ. قُلْت: وَلِمَ كَانَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافَ السِّلَعِ؟ قَالَ: لِلْأَثَرِ الَّذِي جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُبَاعَ الطَّعَامُ حَتَّى يُسْتَوْفَى قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا سَلَّفْت فِي رَيْطَةٍ فَأَعْطَاك قَمِيصًا أَوْ قَمِيصَيْنِ أَوْ قَطِيفَةً أَوْ قَطِيفَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ إنْ وَجَدَ تِلْكَ الرَّيْطَةَ الَّتِي أَسْلَمْت فِيهَا أَوْ لَمْ يَجِدْهَا لِأَنَّك لَوْ أَسْلَفْتَ الرَّيْطَةَ بِعَيْنِهَا فِيمَا أَخَذْت مِنْهُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ أَنَّهُ سَأَلَ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ عَنْ السَّلَفِ فِي الْحِيتَانِ أُعْطِيهِ الدَّنَانِيرَ عَلَى أَرْطَالٍ مُسَمَّاةٍ قَالَ: خُذْ مِنْهُ إذَا أَعْطَاك بِسِعْرٍ مُسَمًّى. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَسْلَفَ صَيَّادًا دَنَانِيرَ عَلَى صِنْفٍ مِنْ الطَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا طَائِرًا فَجَاءَهُ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ شَيْئًا، وَوَجَدَ عِنْدَهُ عَصَافِيرَ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ عَصَافِيرَ بِطَائِرٍ وَاحِدٍ مِمَّا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ قَالَ رَبِيعَةُ: عَشَرَةٌ مِنْ الطَّيْرِ بِوَاحِدٍ حَلَالٌ، وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ حَلَالًا كُلَّهُ السَّلَفُ لِلصَّيَّادِ وَعَشَرَةٌ بِوَاحِدٍ.
[السَّلَفُ فِي الْمِسْكِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ]
ِ قُلْت: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي السَّلَفِ فِي الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَجَمِيعِ مَتَاعِ الْعَطَّارِينَ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا مَعْرُوفًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute