للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ الْيَدِ ثُمَّ مَاتَ، أَرَى لَهُمْ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ إذَا كَانَ إنَّمَا عَفَا عَنْ الْيَدِ وَلَمْ يَعْفُ عَنْ النَّفْسِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي رَجُلٌ عَمْدًا فَعَفَوْتُ عَنْ قَاتِلِي، أَيَجُوزُ عَفْوِي؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَأَنَا أَوْلَى بِدَمِي مِنْ الْوَرَثَةِ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ؟

قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَوْلَى بِهِ كُلِّهِ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ إنْ حُمِلَ ذَلِكَ الثُّلُثُ فِي الْخَطَأِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَقَقْت بَطْنَ رَجُلٍ فَتَكَلَّمَ وَأَكَلَ وَعَاشَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ، أَتَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أُوقِفْ مَالِكًا عَلَى هَذَا، وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ضُرِبَ فَمَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ، أَوْ بَقِيَ بَعْدَ الضَّرْبِ مَغْمُورًا لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى مَاتَ، فَهَذَا الَّذِي لَا قَسَامَةَ فِيهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَعَاشَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرَى فِيهِ الْقَسَامَةَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا مَاتَ مِنْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَقِّ الْجَوْفِ، فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى، إنْ كَانَ قَدْ أَنْفَذَ مُقَاتِلُهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِ هَذَا وَإِنَّمَا حَيَاتُهُ إنَّمَا هِيَ خُرُوجُ نَفْسِهِ، فَلَا أَرَى فِي مِثْلِ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ قَسَامَةً.

قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الشَّاةِ الَّتِي يَخْرِقُ السَّبُعُ بَطْنَهَا فَيَشُقُّ أَمْعَاءَهَا فَيَنْثُرُهُ، أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ. قَالَ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِذَكِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي صَنَعَ السَّبُعُ بِهَا كَانَ قَتْلًا لَهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهَا مِنْ الْحَيَاةِ خُرُوجُ نَفْسِهَا لِأَنَّهَا لَا تَحْيَا عَلَى حَالٍ.

قُلْتُ: وَالْخَطَأُ وَالْعَمْدُ فِيهِ الْقَسَامَةُ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إذَا عَاشَ بَعْدَ الضَّرْبِ ثُمَّ مَاتَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَكَثَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ بَعْدِ الْجِرَاحَاتِ مَصْرُوعًا مِنْ الْجِرَاحِ، إلَّا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ ثُمَّ مَاتَ، أَتَكُونُ الْقَسَامَةُ فِيهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَدْ فَسَّرْتُ لَكَ قَوْلَ مَالِكٍ إذَا عَاشَ حَيَاةً تُعْرَفُ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَطَعَ فَخِذِي فَعِشْتُ يَوْمًا وَأَكَلْت فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَشَرِبْت ثُمَّ مِتُّ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، أَتَكُونُ فِي ذَلِكَ الْقَسَامَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّ فِي هَذَا الْقَسَامَةَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ جَمَاعَةَ رِجَالٍ قَتَلُوا رَجُلًا، فَعَفَا الْمَقْتُولُ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ، أَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتُلُوا الْبَاقِينَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي النَّفَرِ يَقْتُلُونَ رَجُلًا عَمْدًا: إنَّ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ وَيَعْفُوَ عَمَّنْ أَحَبَّ، وَلِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يُصَالِحَ مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ وَيَعْفُوَ عَمَّنْ أَحَبَّ وَيَقْتُلَ الْآخَرَ، يَصْنَعُ بِهِمْ مَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ الْمَقْتُولُ بِعَيْنِهِ إذَا عَفَا عَنْ أَحَدِهِمْ، فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتُلُوا مَنْ بَقِيَ.

[الرَّجُلِ يُقْتَلُ عَمْدًا وَلَهُ إخْوَةٌ فَعَفَا أَحَدُهُمْ]

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ عَمْدًا وَلَهُ إخْوَةٌ فَعَفَا أَحَدُهُمْ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا وَلَهُ إخْوَةٌ وَجَدٌّ، فَمَنْ عَفَا مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الْجَدِّ، فَعَفْوُهُ جَائِزٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: فَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ، أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَعْفُوا عَنْ الدَّمِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُمْ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ نَصِيبٌ.

قُلْتُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>