للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِبْرَاءُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَا أَلْقَتْهُ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ مِنْ دَمٍ أَوْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يَسْتَيْقِنُ النِّسَاءُ أَنَّهُ وَلَدٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَلْقَتْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحُرَّ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا وَتَكُونُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، فَكَذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدِي مِثْلُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَتْ الْأَمَةُ: قَدْ أَسْقَطْتُ، أَيُصَدِّقُهَا سَيِّدُهَا أَمْ لَا؟

قَالَ: السَّقْطُ لَا يَخْفَى دَمُهُ وَيَنْظُرُ إلَيْهِ النِّسَاءُ، فَإِنْ كَانَ بِهَا مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ إذَا طَهُرَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا مِنْ الدَّمِ مَا يَعْلَمُ النِّسَاءُ أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ لَمْ تُصَدَّقْ.

[مُوَاضَعَةُ الْحَامِلِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اُشْتُرِيَتْ أَمَةٌ حَامِلًا، أَيَتَوَاضَعَانِهَا حَتَّى تَلِدَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَلَا يَتَوَاضَعَانِهَا وَلْيَقْبِضْهَا وَلْيَنْقُدْ ثَمَنَهَا وَلَا يَطَؤُهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَتْ الْأَمَةُ قَدْ أَسْقَطْتُ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَوْ انْقَطَعَ الدَّمُ عَنِّي؟

قَالَ: لَا تُصَدَّقُ الْأَمَةُ.

قُلْتُ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ بِهَا سَيِّدُهَا؟

قَالَ: لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً.

قُلْتُ: فَقَدْ رَجَعَتْ هَذِهِ الْأَمَةُ إلَى حَالِ مَا لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَوَاضَعَاهَا إذَا كَانَ اسْتِبْرَاؤُهَا بِالْحَيْضِ؟

قَالَ: إذَا بَاعَهَا الْبَائِعُ وَالْحَمْلُ بِهَا ظَاهِرٌ وَلَمْ يَسْتَطِعْ هَذَا الْمُشْتَرِي ارْتِجَاعَ الثَّمَنِ وَلَا يَتَوَاضَعَانِهَا، لِأَنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي: أَمَّا أَنَا فَقَدْ بِعْتُكَ حَامِلًا فَلَا أَدْرِي مَا صَارَ إلَيْهِ الْحَمْلُ وَقَدْ بِعْتُكَ مَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ وَقَدْ انْتَقَدْتُ، وَيُقَالُ لِلْمُبْتَاعِ: اسْتَبْرِئْ لِنَفْسِكَ بِحَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ حِينَ بَاعَهَا لَمْ يَكُنْ تَبَيَّنَ حَمْلُهَا عِنْدَ النَّاسِ رَأَيْتُ الْبَيْعَ فَاسِدًا إنْ كَانَتْ مِنْ الْجَوَارِي الْمُرْتَفِعَاتِ جِوَارِي الْوَطْءِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَبَرَّأَ مِنْ الْحَمْلِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَبَرَّأَ مِنْ الْحَمْلِ.

وَإِنْ كَانَ بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ بِأَمْرٍ لَا يُسْتَيْقَنُ وَلَا يَعْرِفُهُ النِّسَاءُ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْحَمْلِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي الْمُرْتَفِعَاتِ فَأَرَى أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ: لَا يَجُوزُ، وَفِي هَذَا الْبَيْعِ أَيْضًا وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَطَ النَّقْدَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ النَّقْدَ فِي الْجَوَارِي الْمُرْتَفِعَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ فِيهِنَّ لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ جَازَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: اسْتَبْرِئْ لِنَفْسِكَ بِحَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، لِأَنَّ وَخْشَ الرَّقِيقِ يَجُوزُ فِيهِنَّ عِنْدَ الْبَيْعِ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَمْلِ، وَيَسْتَبْرِئُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِحَيْضَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ فِيهَا النَّقْدَ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهَا لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنْ الْحَمْلِ.

قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ مُرْتَفِعَةً وَكَانَتْ بَيِّنَةَ الْحَمْلِ جَازَ النَّقْدُ فِيهَا وَجَازَ تَبَرِّي الْبَائِعِ مِنْ الْحَمْلِ وَلَا تُصَدَّقُ الْأَمَةُ عَلَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا عِنْدَ النِّسَاءِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ كَانَ رِيحًا فَأَنْفَشَ، وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ فِي بَيْعِهِ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>