للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ جَاءَ بِهِ مِنْهُمْ فَقَدْ بَرِئُوا كُلُّهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ وَكَالَةٌ وَإِنْ كَانُوا تَحَمَّلُوا بِوَجْهِهِ وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ حُمَلَاءَ بِبَعْضٍ. فَإِنْ جَاءَ بِهِ أَحَدُهُمْ؛ بَرِئَ هُوَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ صَاحِبَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُمَا. وَإِذَا تَحَمَّلَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَأَتَى بِهِ أَحَدُهُمْ، فَيَكُونُ إذَا جَاءَ بِهِ كَأَنَّ كُلَّهُمْ أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ. سَحْنُونٌ: فَخُذْ هَذَا الْبَابَ عَلَى هَذَا وَنَحْوِهِ.

[الْغَرِيمِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحَمِيلُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَّرَ طَالِبُ الْحَقِّ الْغَرِيمَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِي عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ إلَى أَجَلٍ وَقَدْ أَخَذْت مِنْهُ كَفِيلًا، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَّرْت الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ، أَيَكُونُ هَذَا تَأْخِيرًا عَنْ الْكَفِيلِ أَيْضًا، وَكَيْفَ إنْ أَخَّرْت الْكَفِيلَ، أَيَكُونُ ذَلِكَ تَأْخِيرًا لِلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ؟

قَالَ: أَمَّا إذَا أُخِّرَ الْغَرِيمُ فَهُوَ تَأْخِيرٌ لِلْكَفِيلِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا أُخِّرَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَقَالَ الْحَمِيلُ: لَا أَرْضَى، لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يُفْلِسَ وَيَذْهَبَ مَالُهُ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَيَكُونُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَخِّرَ صَاحِبُ الْحَقِّ - وَلَا حَمَالَةَ عَلَى الْحَمِيلِ - فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْحَمِيلُ. وَإِنْ سَكَتَ الْحَمِيلُ - وَقَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ - فَالْحَمَالَةُ لَهُ لَازِمَةٌ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ حَتَّى يَحُلَّ أَجَلُ مَا أَخَّرَهُ إلَيْهِ، حَلَفَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِاَللَّهِ مَا أَخَّرَهُ، لِيُبَرِّئَ الْحَمِيلَ مِنْ حَمَالَتِهِ وَكَانَتْ حَمَالَتُهُ عَلَيْهِ لَازِمَةٌ. وَأَمَّا إذَا أُخِّرَ الْكَفِيلُ، فَإِنِّي أَرَاهُ تَأْخِيرًا عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ، إلَّا أَنْ يَحْلِفَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ: مَا كَانَ مِنِّي ذَلِكَ تَأْخِيرًا لِلْحَقِّ عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَا كَانَ ذَلِكَ مِنِّي إلَّا لِلْحَمِيلِ. فَإِنْ حَلَفَ؛ كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ عَنْ الْحَمِيلِ حَمَالَتَهُ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ صَاحِبَ الْحَقِّ إذَا قَالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ وَضْعَ الْحَمَالَةِ وَاتِّبَاعَ غَرِيمِي، فَالتَّأْخِيرُ بِمَنْزِلَتِهِ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا أَخَّرَ الْغَرِيمُ وَهُوَ مَلِيءٌ مُوسِرٌ - تَأْخِيرًا بَيِّنًا - فَالْحَمَالَةُ سَاقِطَةٌ عَنْ الْحَمِيلِ. فَإِنْ أَخَّرَهُ وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُ، فَلَا حُجَّةَ لِلْكَفِيلِ، وَلَهُ الْقِيَامُ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَهُ أَنْ يَقِفَ عَنْهُ.

[بَابٌ فِي الْحَمِيلِ يَدْفَعُ عَنْ حَمَالَتِهِ غَيْرَ مَا تَحَمَّلَ بِهِ عَنْ الْغَرِيمِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلْت لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ هَاشِمِيَّةٍ، فَرَضِيَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دِمَشْقِيَّةٍ فَقَضَيْتُ ذَلِكَ، بِمَ أَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِي الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ؟

قَالَ: تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دِمَشْقِيَّةٍ؛ لِأَنَّكَ كَذَا أَدَّيْتَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي تَكَفَّلْت عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَغَابَ وَلِزَمَنِي الَّذِي تَكَفَّلْت لَهُ فَأَعْطَيْتُهُ بِالْأَلْفِ الدِّرْهَمِ، دَنَانِيرَ أَوْ عَرَضًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>