للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ الدَّارَيْنِ تَكُونَانِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ - هُمَا فِي الْمَوْضِعِ وَالنَّفَاقِ سَوَاءٌ عِنْدَ النَّاسِ - فَقَسَمَهَا الْقَاسِمُ عَلَى الْقِيمَةِ، وَكَانَ بُنْيَانُ إحْدَى الدَّارَيْنِ ضِعْفَ بُنْيَانِ الْأُخْرَى فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ بُنْيَانَهَا قَدْ رَثَّ وَبُنْيَانَ الْأُخْرَى أَحْسَنُ وَأَطْرَى، فَقَسَمَهَا الْقَاسِمُ عَلَى الْقِيمَةِ فَجَعَلَ مَكَانَ الْبُنْيَانِ الْمُرْتَفِعِ ضِعْفَهُ مِنْ الْبُنْيَانِ الرَّثِّ، أَوْ قَسَمَ الدَّارَ الْوَاحِدَةَ الَّتِي بَيْنَهُمَا فَكَانَتْ نَاحِيَةٌ مِنْ الدَّارِ قَدْ تَقَادَمَ بُنْيَانُهَا وَرَّثَ وَنَاحِيَةٌ مِنْ الدَّارِ الْأُخْرَى جَدِيدَةَ الْبُنْيَانِ، فَصَارَ الْبُنْيَانُ الَّذِي تَقَادَمَ فِي الْقَسْمِ ضِعْفَ الْبُنْيَانِ الْجَدِيدِ، فَضَرَبَا عَلَى ذَلِكَ بِالسِّهَامِ فَجَوَّزَهُ مَالِكٌ. وَأَنْتَ تُجِيزُهُ. فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ هَذَا وَمَا بَيْنَ الرَّقِيقِ وَالدُّورِ، وَهَذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ خَاطَرَ بِالْبُنْيَانِ الْجَدِيدِ؟

قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِثْلَ الرَّقِيقِ وَالدُّورِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يُقْسَمُ عَلَى حِدَةٍ وَالدُّورَ عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدُّورُ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ أَنَّ نَاحِيَةً مِنْهَا حَسَنَةُ الْبُنْيَانِ وَنَاحِيَةً أُخْرَى دُونَ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لِلْقَاسِمِ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَقْسِمَ عَلَى الْقِيمَةِ وَيَجْعَلَ حَظَّ كُلِّ إنْسَانٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَيُسْهِمَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فِي الْبُنْيَانِ الْجَدِيدِ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ خَرَجَ فِي غَيْرِ الْجَدِيدِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا، وَذَلِكَ فِي الرَّقِيقِ وَالدُّورِ، يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَقْسِمَ الرَّقِيقَ عَلَى حِدَةٍ وَالدُّورَ عَلَى حِدَةٍ، وَأَمَّا الدُّورُ وَالرَّقِيقُ فَذَلِكَ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ هَوَاهُمَا جَمِيعًا فِي الدُّورِ، فَجَعَلَا الرَّقِيقَ فِي نَاحِيَةٍ وَالدُّورَ فِي نَاحِيَةٍ عَلَى أَنْ يَسْتَهِمَا فَكَأَنَّهُمَا تَخَاطَرَا فِيمَا هَوَاهُمَا فِيهِ؟ قُلْتُ: فَإِنْ تَرَاضَى هَذَانِ فِي الدُّورِ وَالرَّقِيقِ فَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الدُّورَ وَالْآخَرُ الرَّقِيقَ؟

قَالَ: فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَرِثَا رَقِيقًا وَدَنَانِيرَ، فَجَعَلَا الرَّقِيقَ فِي نَاحِيَةٍ وَالدَّنَانِيرَ فِي نَاحِيَةٍ عَلَى أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى ذَلِكَ، وَقِيمَةُ الرَّقِيقِ مِثْلُ الدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَكَيْفَ إنْ كَانَتْ دُورًا وَدَنَانِيرَ فَجَعَلَا الدُّورَ فِي نَاحِيَةٍ وَالدَّنَانِيرَ فِي نَاحِيَةٍ. أَوْ كَانَتْ دُورًا وَثِيَابًا فَجَعَلَا الدُّورَ فِي نَاحِيَةٍ وَالثِّيَابَ فِي نَاحِيَةٍ - وَقِيمَةُ الدُّورِ وَالثِّيَابِ سَوَاءٌ - أَوْ كَانَتْ ثِيَابًا وَحَيَوَانًا قِيمَةُ الْحَيَوَانِ مِثْلُ قِيمَةِ الثِّيَابِ - فَجَعَلَا الثِّيَابَ فِي نَاحِيَةٍ وَالْحَيَوَانَ فِي نَاحِيَةٍ عَلَى أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى ذَلِكَ - وَقِيمَةُ الْحَيَوَانِ وَقِيمَةُ الثِّيَابِ سَوَاءٌ؟

قَالَ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الصِّنْفَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا دَخَلَهُ الْمُخَاطَرَةُ وَالْغَرَرُ إلَّا أَنْ يَقْتَسِمَا ذَلِكَ بِغَيْرِ الْقُرْعَةِ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا، جَازَ أَنْ يَقْتَسِمَا ذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ إذَا عَدَلَا الْقَسْمَيْنِ فِي الْقِيمَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

[فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي زُقَاقٍ نَافِذٍ أَوْ غَيْرِ نَافِذٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ زُقَاقًا نَافِذًا أَوْ غَيْرَ نَافِذٍ، فِيهِ دُورٌ لِقَوْمٍ شَتَّى، فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَجْعَلَ لِدَارِهِ بَابَيْنِ يَفْتَحُ ذَلِكَ فِي الزُّقَاقِ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَ بَابَ دَارِهِ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ السِّكَّةِ فَمَنَعَهُ أَهْلُ السِّكَّةِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ بَابًا حِذَاءَ بَابِ دَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>