فَأَرَادَ أَنْ يَحْبِسَ مَا بَقِيَ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ لَهُ رَدُّ جَمِيعِ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا أَحْبِسُ مَا بَقِيَ بِمَا يَصِيرُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ يَحْبِسُهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يَصِيرُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ ثَمَنٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ حَتَّى تُقَوَّمَ السِّلَعُ، ثُمَّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَيْهَا فَمَا صَارَ لِلَّذِي بَقِيَ أُخِذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَأَمَّا فِي الْعَيْبِ فَإِنَّهُ إذَا أَصَابَ الْعَيْبَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْعَدَدِ حَتَّى يَضُرَّ ذَلِكَ بِهِ فِي صَفْقَتِهِ أَوْ فِي كَثِيرٍ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ كَيْلِهِ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَقْبَلَ الْجَمِيعَ بِعَيْنِهِ أَوْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ وَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ فِي أَنْ يَحْبِسَ مَا صَحَّ فِي يَدَيْهِ مِمَّا بَقِيَ لَهُ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا وَهُوَ خِلَافُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعَيْبِ إنَّمَا بَاعَ عَلَى أَنْ حَمَلَ بَعْضُهُ بَعْضًا فَإِمَّا رَضِيَ مِنْهُ بِمَا رَآهُ وَإِمَّا رَدَّ عَلَيْهِ
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِثَوْبَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ عِنْدَ صَاحِبِهِ وَأَصَابَ بِالثَّوْبِ الْبَاقِي عَيْبًا فَجَاءَ لِيَرُدَّهُ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: يَنْظُرُ إلَى الثَّوْبِ الَّذِي وَجَدَ بِهِ الْعَيْبَ، فَإِنْ كَانَ هُوَ وَجْهَ مَا اشْتَرَى وَفِيهِ الْفَضْلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ رَدَّهُ وَنَظَرَ إلَى الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَفُتْ رَدَّهُ وَنَظَرَ إلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ التَّالِفِ فَرَدَّهُ قَابِضُهُ مَعَ الثَّوْبِ الَّذِي وَجَدَ بِهِ الْعَيْبَ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ فَاتَ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ اخْتِلَافِ أَسْوَاقٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ رَدَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ الَّذِي وَجَدَ بِهِ الْعَيْبَ لَيْسَ وَجْهَ مَا اشْتَرَى، وَهُوَ أَدْنَى الثَّوْبَيْنِ رَدَّهُ وَنَظَرَ إلَى الثَّوْبِ الْبَاقِي كَمْ كَانَ مِنْ الثَّوْبِ التَّالِفِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا نَظَرَ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فَغَرِمَ قَابِضُ الْعَبْدِ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ مِنْ صَاحِبِهِ، إنْ كَانَ ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا يَغْرَمُ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ ثُلُثَهَا أَوْ رُبْعَهَا، وَلَا يَرْجِعُ فِي الْعَبْدِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَصَابَ الْعَيْبَ قَابِضُ الْعَبْدِ بِالْعَبْدِ وَقَدْ تَلِفَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ عِنْدَ بَائِعِ الْعَبْدِ؛ رَدَّ الْعَبْدَ وَنَظَرَ إلَى الثَّوْبِ الْبَاقِي إنْ كَانَ هُوَ وَجْهَ الثَّوْبَيْنِ وَمِنْ أَجْلِهِ اشْتَرَاهُمَا رَدَّ الثَّوْبَ الْبَاقِيَ وَغَرِمَ قِيمَةَ التَّالِفِ إنْ كَانَ الثَّوْبُ الْبَاقِي لَمْ يَفُتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ وَلَا بِاخْتِلَافِ أَسْوَاقٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْبَاقِي هُوَ أَدْنَاهُمَا وَلَيْسَ مِنْ أَجْلِهِ كَانَ الِاشْتِرَاءُ أُسْلِمَا لِمُشْتَرِيهِمَا وَغَرِمَ قِيمَتَهُمَا جَمِيعًا لِصَاحِبِ الْعَبْدِ
[يَشْتَرِي السِّلْعَةَ فَتَمُوتُ عِنْدَهُ أَوْ ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ]
الرَّجُلُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ فَتَمُوتُ عِنْدَهُ أَوْ ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا صَحِيحًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا صَاحِبُهَا إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَقَدْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَقَبَضَهَا وَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَيُّ الْقِيمَتَيْنِ تُحْسَبُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَتَجْعَلُهَا قِيمَةَ الْجَارِيَةِ إذَا أَرَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute