وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الْبَاقِيَةِ الدِّيَةَ كَامِلَةً. وَقَدْ قَالَ فِي الَّذِي قَدْ ذَهَبَ سَمْعُ إحْدَى أُذُنَيْهِ: إنَّ فِي سَمْعِ أُذُنِهِ الْبَاقِيَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا؟
قَالَ: السُّنَّةُ الَّتِي جَاءَتْ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَحْدَهُ، أَنَّ فِي عَيْنِهِ الدِّيَةَ كَامِلَةً - أَلْفَ دِينَارٍ - وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا هُوَ زَوْجٌ فِي الْإِنْسَانِ، مِثْلُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالسَّمْعِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، فَإِنَّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ الدِّيَةِ، مَا ذَهَبَ مِنْهُ أَوَّلَ أَوْ آخِرَ، فَهُوَ سَوَاءٌ.
[الرَّجُلِ يَشُجُّ مُوضِحَةً خَطَأً أَوْ مَأْمُومَةً أَوْ جَائِفَةً]
مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَشُجُّ مُوضِحَةً خَطَأً أَوْ مَأْمُومَةً أَوْ جَائِفَةً
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا ضَرَبَ رَجُلٌ رَجُلًا فَشَجَّهُ مُوضِحَةً خَطَأً، لِمَ قُلْتَ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ حَتَّى يُنْظَرَ إلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ؟ وَلِمَ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ، لَا يُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ الْبِئْرِ، وَهَذَا الْمَشْجُوجُ مُوضِحَةً يَقُولُ: أَعْطِنِي عَقْلَ مُوضِحَتِي فَإِنْ زَادَتْ مُوضِحَتِي زِدْتَنِي؟
قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مِنْهَا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ عِنْدَ مَالِكٍ؟ فَأَنْتَ لَا تَدْرِي عَلَى مَنْ وَجَبَتْ دِيَةُ الْمُوضِحَةِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُومَةً خَطَأً، أَلَيْسَ الْعَاقِلَةُ تَحْمِلُ ذَلِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ لَكَ: أَعْطِنِي عَقْلَ مَأْمُومَتِي وَتَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فَإِنْ مِتُّ مِنْهَا حَمَلَتْ الْعَاقِلَةُ تَمَامَ الدِّيَةِ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ. أَلَا تَرَى أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجِبُ إنْ مَاتَ مِنْهَا إلَّا بِقَسَامَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْتَظِرَ بِالْعَاقِلَةِ حَتَّى يَعْرِفَ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ مَأْمُومَتُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَشْجُوجَ مَأْمُومَةً، أَلَيْسَ إنْ مَاتَ - وَقَدْ انْتَظَرْت حَتَّى تَعْرِفَ مَا تَصِيرُ إلَيْهِ مَأْمُومَتَهُ فَأَبَى وَرَثَتُهُ أَنْ يُقْسِمُوا - جُعِلَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِمَأْمُومَتِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَقَدْ أَوْجَبْتَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إنْ مَاتَ أَوْ عَاشَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - فَلِمَ تُجِيبُهُ بِذَلِكَ؟
قَالَ: هَذَا الَّذِي سَمِعْنَا وَإِنَّمَا هُوَ الْإِتْبَاعُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ قَلَعَ سِنَّ صَبِيٍّ خَطَأً؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُنْتَظَرُ بِهِ، فَإِنْ نَبَتَتْ وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِ عَقْلُ سِنٍّ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيُؤْخَذُ الْعَقْلُ فَيُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ حَتَّى يَنْظُرَ مَا تَصِيرُ إلَيْهِ السِّنُّ، فَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الصَّبِيَّ الَّذِي قُلِعَتْ سِنُّهُ، فَانْتَظَرْتُ بِهِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ سِنُّهُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُثْغَرَ، هَلْ يَجِبُ عَقْلُ السِّنِّ عَلَى الَّذِي قَلَعَهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ قَدْ وَجَبَ عَقْلُهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَلَعَ رَجُلٌ ظُفْرَ رَجُلٍ خَطَأً، مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إنْ بَرَأَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَرَأَ عَلَى عَثَمٍ كَانَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ عَمْدًا، أَيُقْتَصُّ مِنْهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
[رَجُلٍ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَذَهَبَ مِنْهَا سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ]
مَا جَاءَ فِي رَجُلٍ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَذَهَبَ مِنْهَا سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ضَرَبَ رَجُلٌ رَجُلًا خَطَأً فَشَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ،