[الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ وَيَضْمَنُ صَدَاقَهَا لَهَا]
فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ وَيَضْمَنُ صَدَاقَهَا لَهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ لَهَا، أَيَكُونُ لِلْبِنْتِ أَنْ تَأْخُذَ الْأَبَ بِذَلِكَ الصَّدَاقِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَيَرْجِعُ بِهِ الْأَبُ عَلَى الزَّوْجِ؟ قَالَ: لَا يَرْجِعُ بِهِ الْأَبُ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ الصَّدَاقَ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ صِلَةٌ مِنْهُ لَهُ؛ وَإِنَّمَا التَّزْوِيجُ فِي هَذَا عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا ضَمِنَ عَنْهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ الْبِنْتُ صَدَاقَهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: تَسْتَوْفِيهِ مِنْ مَالِ أَبِيهَا إذَا كَانَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ إنَّمَا وَقَعَتْ بِالضَّمَانِ وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ بِعْ فُلَانًا فَرَسَك أَوْ دَابَّتَك وَالثَّمَنُ لَك عَلِيّ فَبَاعَهُ فَهُوَ إنْ هَلَكَ الضَّامِنُ وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَإِنَّ ذَلِكَ الثَّمَنَ مَضْمُونٌ فِي مَالِ الضَّامِنِ يَسْتَوْفِيه مِنْهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَيَرْجِعُ عَلَى مُشْتَرِي الدَّابَّةِ بِشَيْءٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٍ: وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَوْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ مَاتَ الضَّامِنُ لِلصَّدَاقِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ وَلَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ وَلَمْ يَدَعْ الْمَيِّتُ مَالًا؟ قَالَ: فَلَا سَبِيلَ لِلزَّوْجِ إلَى الدُّخُولِ حَتَّى يُعْطِيَهَا مَهْرَهَا قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ فِي حِجْرِهِ وَلَا مَالَ لِلِابْنِ، فَيَمُوتُ الْأَبُ وَلَمْ تَقْبِضْ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا، فَيَقُولُ الْوَرَثَةُ لِلِابْنِ لَمْ تَقْبِضْ عَطِيَّتَك فَنَحْنُ نُقَاصُّك بِمَا تَقْبِضُ الْمَرْأَةُ بِمُورِثِك مِمَّا ضَمِنَ أَبُوك عَنْك قَالَ مَالِكٌ: تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا مِنْ مَالِ الْأَبِ وَيُدْفَعُ إلَى الِابْنِ مِيرَاثُهُ كَامِلًا مِمَّا بَقِيَ وَلَا يُقَاصُّهُ إخْوَتُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقْبِضُ الْمَرْأَةُ قُلْتُ: وَتَحَاصُّ الْغُرَمَاءَ؟
قَالَ: نَعَمْ، تَحَاصُّ الْغُرَمَاءُ عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ هَذِهِ الْوُجُوهُ فِيمَا حَمَلْنَا عَنْ مَالِكٍ وَسَمِعْنَا مِنْهُ عَلَى وَجْهِ حَمَالَةِ الدَّيْنِ مِمَّا يَتَحَمَّلُ بِهِ وَيَرْجِعُ الْمُتَحَمِّلُ عَلَى الَّذِي يَحْمِلُ عَنْهُ قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ الشَّرَفُ يُزَوِّجُ الرَّجُلَ وَيَضْمَنُ الصَّدَاقَ عَنْهُ فَهَذَا لَا يَتْبَعُهُ بِشَيْءٍ قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَالرَّجُلُ يُزَوِّجُ ابْنَهُ وَيَضْمَنُ عَنْهُ الصَّدَاقَ وَالِابْنُ قَدْ بَلَغَ فَيَدْفَعُ الْأَبُ الصَّدَاقَ إلَى الْمَرْأَةِ، فَطَلَّقَهَا الِابْنُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لِمَنْ تَرَى نِصْفَ الصَّدَاقِ؟ قَالَ مَالِكٌ: لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَيْسَ لِلِابْنِ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْهَا شَيْئًا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ نِصْفَ الصَّدَاقِ مِنْ الْأَبِ وَلَمْ يَتْبَعْ الْأَبُ الِابْنَ بِشَيْءٍ مِمَّا أَدَّى عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا هَذَا مِثْلُ الَّذِي زَوَّجَ ابْنَهُ وَضَمِنَ عَنْهُ أَوْ زَوَّجَ أَجْنَبِيًّا وَضَمِنَ عَنْهُ مِثْلُ مَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ لِرَجُلٍ ذَهَبًا ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ بِعْهُ فَرَسَك بِاَلَّذِي وَهَبْت لَهُ مِنْ الذَّهَبِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هِبَتَهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لَك عَلَيَّ حَتَّى أَدْفَعَهَا إلَيْك، فَيَقْبِضُ الرَّجُلُ الْفَرَسَ وَأَشْهَدَ عَلَى الْوَاهِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute