أَحَدُهُمْ عَلَى حَقِّهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَفَعَ إلَى أَحَدِهِمْ مِنْ دَعْوَاهُ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ عَلَى إنْكَارٍ مِنْ الَّذِي يَدَّعِي قِبَلَهُ أَوْ عَلَى إقْرَارٍ أَيَكُونُ لِإِخْوَتِهِ أَنْ يَدْخُلُوا مَعَهُ فِي الَّذِي أَخَذَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: كُلُّ ذِكْرِ حَقٍّ كَانَ لِقَوْمٍ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ فَاقْتَضَى بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، فَإِنَّ شُرَكَاءَهُمْ يَدْخُلُونَ مَعَهُمْ فِيمَا اقْتَضَوْا وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ ذِكْرُ حَقٍّ عَلَى حِدَةٍ وَكَانَتْ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّ مَنْ اقْتَضَى شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ الْآخَرُ فِي شَيْءٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلَيْنِ ذِكْرُ حَقٍّ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ بِغَيْرِ كِتَابٍ مِنْ بَيْعٍ بَاعَاهُ بِعَيْنٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ أَقْرَضَاهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالطَّعَامِ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ وَرِثَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ هَذَا الذِّكْرَ الْحَقَّ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؟
قَالَ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ غَائِبًا فَسَأَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ صَاحِبَهُ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُ لِاقْتِضَاءِ الدَّيْنِ وَأَخْذِهِ مِنْ الْغَرِيمِ فَأَبَى ذَلِكَ وَكَرِهَ الْخُرُوجَ، فَإِنْ خَرَجَ الشَّرِيكُ بَعْدَ الْإِعْذَارِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبَهُ فَاقْتَضَى حَقَّهُ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَأَرَى ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ شَرِيكُهُ لِأَنَّ تَرْكَهُ الْخُرُوجَ وَالِاقْتِضَاءَ وَالتَّوْكِيلَ بِالِاقْتِضَاءِ إضْرَارٌ مِنْهُ لِصَاحِبِهِ وَحَوْلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاقْتِضَاءِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» لِمَا يَتَجَشَّمُ صَاحِبُهُ مِنْ الْخُرُوجِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمُؤْنَةِ، فَيُرِيدُ الْمُقِيمُ أَنْ لَا يَأْخُذَ الْخَارِجُ شَيْئًا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَهُوَ لَمْ يَبْرَحْ وَلَمْ يَتَجَشَّمْ خُرُوجًا وَلَا مُؤْنَةً وَقَدْ أَعْذَرَ إلَيْهِ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْخُرُوجِ لِاغْتِنَامِ الِاقْتِضَاءِ دُونَهُ فَهُوَ إذَا أَعْذَرَ إلَيْهِ وَأَعْلَمَهُ بِالْخُرُوجِ فَتَرَكَ الْخُرُوجَ مَعَهُ رِضًا مِنْهُ بِمَا يَقْبِضُ دُونَهُ؛ أَوْ لَا تَرَى لَوْ أَنَّهُ رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ لَأَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِالْخُرُوجِ أَوْ التَّوْكِيلِ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا خَلَّى السُّلْطَانُ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَبَيْنَ اقْتِضَاءِ حَقِّهِ ثُمَّ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ فِيمَا اقْتَضَى، وَإِنْ خَرَجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِاقْتِضَاءِ حَقِّهِ دُونَ مُؤَامَرَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَالْإِعْذَارِ إلَيْهِ أَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا فَاقْتَضَى مِنْهُ جَمِيعَ مُصَابَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا كَانَ شَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ شَرَكَهُ فِيمَا اقْتَضَى وَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ لَهُ مَا اقْتَضَى وَاتِّبَاعَ الْغَرِيمِ، فَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْغَرِيمِ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدُ أَنْ يَتْبَعَ شَرِيكَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ مَا سَلَّمَ - تَوَى مَا عَلَى الْغَرِيمِ أَوْ لَمْ يَتْوِ - لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَاسَمَةٌ لِلدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ وَرِثَا دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَاقْتَسَمَا مَا عَلَيْهِ جَازَ ذَلِكَ وَصَارَ ذَلِكَ كَالدَّيْنِ يَكُونُ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَكٌّ عَلَى حِدَةٍ.
فَمَنْ اقْتَضَى مِنْ هَذَيْنِ شَيْئًا دُونَ صَاحِبَهُ لَمْ يَكُنْ يُشْرِكُهُ صَاحِبُهُ فِيمَا اقْتَضَى لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا، فَكَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَا، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَهُمَا ذِكْرُ حَقٍّ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ بِغَيْرِ كِتَابٍ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ صَالَحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute