أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَرِيمِ وَهُوَ حَاضِرٌ لَيْسَ بِغَائِبٍ، أَوْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا وَلَمْ يَعْذُرْ إلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِالْخُرُوجِ عَلَى اقْتِضَاءِ حَقِّهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا بَقِيَ فَهُوَ جَائِزٌ وَفِيهِمَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ شَرِيكَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَسْلَمَ لِشَرِيكِهِ مَا اقْتَضَى وَاتَّبَعَ الْغَرِيمَ بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا حَقَّهُ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَرَجَعَا جَمِيعًا عَلَى الْغَرِيمِ فَاتَّبَعَهُ الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَاتَّبَعَهُ الَّذِي صَالَحَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَهِيَ الَّتِي أَخَذَ مِنْهُ شَرِيكُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ شَرِيكَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَبِعَ الْغَرِيمَ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، وَإِنْ شَاءَ تَبِعَ شَرِيكَهُ الْمُصَالِحَ، وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ شَرِيكِهِ قُسِمَتْ الْعَشَرَةُ الَّتِي صَالَحَ بِهَا الشَّرِيكُ عَلَى سِتَّةِ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِلَّذِي صَالَحَ وَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ لِلَّذِي لَمْ يُصَالِحْ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ لَمَّا أَبْرَأَ الْغَرِيمَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي أَخَّرَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَخَذَ وَلِصَاحِبِهِ خَمْسُونَ دِينَارًا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَرِيمِ فَيَتَّبِعُهُ الْمُصَالِحُ بِالْعَشَرَةِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَشَرَةِ وَيَتَّبِعُهُ صَاحِبُ الْخَمْسِينَ بِمَا بَقِيَ لَهُ، وَهُوَ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ، وَذَلِكَ لَوْ أَنَّهُ قَبَضَ الْعَشَرَةَ بِغَيْرِ صُلْحٍ ثُمَّ حَطَّ الْأَرْبَعِينَ عَنْ الْغَرِيمِ ثُمَّ قَامَ شَرِيكُهُ فَإِنْ اخْتَارَ مُقَاسَمَةَ شَرِيكِهِ اقْتَسَمَا عَلَى سِتَّةِ أَجْزَاءٍ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ وَرَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ قَبَضَ الْعَشَرَةَ عَلَى الِاقْتِضَاءِ مِنْ حَقِّهِ لَيْسَ عَلَى الْحَطِّ، ثُمَّ قَاسَمَهُ شَرِيكُهُ الْعَشَرَةَ الَّذِي اقْتَضَى هُوَ مِنْ حَقِّهِ فَإِنَّمَا يُقَاسِمُهُ إيَّاهَا شَطْرَيْنِ لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ، وَإِنْ حَطَّ الشَّرِيكُ الْمُقْتَضِي لِلْعَشَرَةِ الْأَرْبَعِينَ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ فِي الْمُقَاسَمَةِ فَيَقُولُ: قَاسِمْنِي عَلَى أَنَّ حَقَّكَ إنَّمَا كَانَ عَشَرَةً؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَسْمَ كَانَ وَالْحَقُّ كَامِلٌ وَلَكِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَرِيمِ فَيَرْجِعُ الْمُقْتَضِي لِلْعَشَرَةِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ شَرِيكُهُ وَهُوَ خَمْسَةٌ، وَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ، فَخُذْ هَذَا عَلَى هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَهُمَا ذِكْرُ حَقٍّ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ بِغَيْرِ كِتَابٍ وَاحِدٍ وَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ فَصَالَحَ الْغَرِيمُ أَحَدَهُمَا وَهُوَ حَاضِرٌ أَوْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا وَلَمْ يَعْذُرْ إلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِالْخُرُوجِ صَالَحَ مِنْ حَقِّهِ وَدَيْنُهُمَا مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى عَشَرَةِ أَقْفِزَةِ قَمْحٍ أَوْ بَاعَ حَقَّهُ بِعَشَرَةِ أَقْفِزَةِ قَمْحٍ فَقَبَضَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا ثُمَّ أَتَى الشَّرِيكُ الْآخَرُ فَإِنَّمَا لَهُ الْخِيَارُ فِي تَسْلِيمِ مَا صَنَعَ صَاحِبُهُ وَاتِّبَاعِ الْغَرِيمِ بِحِصَّةِ الْخَمْسِينَ الدِّينَارِ أَوْ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُصَالِحِ أَوْ الْمُشْتَرِي الْقَمْحَ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إنَّمَا تَعَدَّى عَلَى عَيْنٍ وَهُوَ جَائِزٌ، وَالدَّيْنُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ، وَالدَّيْنُ لَيْسَ مِثْلَ الْعَيْنِ، الدَّيْنُ أَشْبَهُ شَيْءٍ هِيَ بِالْعُرُوضِ، فَلِذَلِكَ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ مَا أَخَذَ الشَّرِيكُ إنْ اخْتَارَ أَخْذَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute