الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذَ الْآخَرُ إلَيْهِ ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا وَيَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ: هَذَا بِهَذَا فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ مِنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالسَّاجُ الْمُدْرَجُ فِي جِرَابِهِ وَالثَّوْبُ الْقِبْطِيُّ الْمُدْرَجُ فِي طَيِّهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا حَتَّى يُنْشَرَا يَنْظُرَ إلَى مَا فِيهِمَا وَإِلَى مَا فِي أَجْوَافِهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَهُوَ مِنْ الْمُلَامَسَةِ، وَقَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ بِهَذَا، وَقَالَ: فَكَانَ هَذَا كُلُّهُ مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ فَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» فَقَالَ: الْمُلَامَسَةُ أَنْ يَبْتَاعَ الْقَوْمُ السِّلْعَةَ لَا يَنْظُرُونَ إلَيْهَا وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَتَنَابَذَ الْقَوْمُ السِّلَعَ وَلَا يَنْظُرُونَ إلَيْهَا وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا فَهَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ وَالتَّغَيُّبِ فِي الْبَيْعِ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ» ثُمَّ فَسَّرَ هَذَا التَّفْسِيرَ، وَأَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» .
قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَأَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ قَدْ ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ أَوْ دَابَّتُهُ أَوْ غُلَامُهُ، وَثَمَنُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ خَمْسُونَ دِينَارًا فَيَقُولَ: أَنَا آخُذُهَا مِنْك بِعِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنْ وَجَدَهَا الْمُبْتَاعُ ذَهَبَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا وَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا ذَهَبَ الْبَائِعُ مِنْهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَهُمَا لَا يَدْرِيَانِ كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِيَانِ أَيْضًا إذَا وُجِدَتْ تِلْكَ الضَّالَّةُ كَيْفَ تُؤْخَذُ وَمَا حَدَثَ فِيهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ نَقْصُهَا وَزِيَادَتُهَا فَهَذَا أَعْظَمُ الْمُخَاطَرَةِ. ابْنُ وَهْبٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَابْنُ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ مِثْلُهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَمِمَّا يُشْبِهُ الْمُخَاطَرَةَ اشْتِرَاءُ الضَّالَّةِ وَالْآبِقِ، ابْنُ وَهْبٍ. وَبَلَغَنِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَيْبِ كُلِّهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُدِيرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ» ، وَبَلَغَنِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا يَصْلُحُ بَيْعُ الْغَيْبِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا غَابَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ وَرَاءَ هَذَا الْجِدَارِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إلَى جِدَارٍ وِجَاهَهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي بَيْعِ الشَّاةِ الضَّالَّةِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَارَيَا وَالْآبِقِ وَغَيْرِهِ قَالَ: لَا يَصْلُحُ بَيْعُ الْغَرَرِ، وَكَانَ رَبِيعَةُ يَكْرَهُ بَيْعَ الْغَيْبِ، ابْنُ وَهْبٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute