رَجْعَتِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ لَبِسَ الثِّيَابَ وَتَطَيَّبَ، وَإِنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَكَانَتْ الرَّكْعَتَانِ هُمَا لِلطَّوَافِ الَّذِي طَافَ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ الَّذِي وَصَلَ بِهِ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَانَ قَرِيبًا رَجَعَ فَطَافَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَسَعَى وَأَهْدَى، وَإِنْ كَانَتَا فِي الطَّوَافِ الْآخَرِ وَكَانَ قَرِيبًا رَجَعَ فَطَافَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ إذَا كَانَ وُضُوءُهُ قَدْ اُنْتُقِضَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ بَلَدَهُ وَتَبَاعَدَ رَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَا يُبَالِي مِنْ أَيِّ الطَّوَافَيْنِ كَانَتَا وَأَهْدَى وَأَجْزَأَتَا عَنْهُ رَكْعَتَاهُ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت إذَا دَخَلَ مُرَاهِقًا فَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ، فَلَمَّا زَارَ الْبَيْتَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَنَسِيَ الرَّكْعَتَيْنِ رَكْعَتِي الطَّوَافِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ فَرَغَ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَمَا خَرَجَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ أَوْ بِمَكَّةَ؟
قَالَ: يَرْجِعُ فَيَطُوفُ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قُلْت: وَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، لِأَنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ إنَّمَا تَرَكَهُمَا مِنْ طَوَافٍ هُوَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَذَلِكَ الْأَوَّلُ إنَّمَا تَرَكَهُمَا مِنْ طَوَافٍ هُوَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَةَ، فَذَلِكَ الَّذِي جَعَلَ مَالِكٌ فِيهِ دَمًا وَهَذَا رَجُلٌ مُرَاهِقٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلطَّوَافِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ دَخَلَ مُرَاهِقًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِمَا أَخَّرَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ الَّذِي بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهُ قَدْ قَضَاهُ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت إذَا لَمْ يَذْكُرْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الطَّوَافِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَبْلَ الْوُقُوفِ، أَوْ مِنْ الطَّوَافِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، دَخَلَ مُرَاهِقًا وَلَمْ يَكُنْ طَافَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْبَيْتِ فَذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَمَا بَلَغَ بِلَادَهُ أَوْ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَمْضِي وَيَرْكَعُ الرَّكْعَتَيْنِ حَيْثُ ذَكَرَهُمَا، وَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا وَمَحِلُّ هَذَا الدَّمِ مَكَّةُ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت إذَا وَقَّفْت هَدْيًا بِعَرَفَةَ فَضَلَّ مِنِّي فَوَجَدَهُ رَجُلٌ فَنَحَرَهُ بِمِنًى لِأَنَّهُ يَرَاهُ هَدْيًا، أَيُجْزِئُ عَنِّي فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا أَصَبْته وَقَدْ نَحَرَهُ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: يُجْزِئُهُ إذَا نَحَرَهُ الَّذِي نَحَرَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا، قَالَ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت الْعَبْدَ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ بِالْحَجِّ فَأَحْرَمَ فَأَصَابَ النِّسَاءَ وَتَطَيَّبَ وَأَصَابَ الصَّيْدَ وَأَمَاطَ عَنْ نَفْسِهِ الْأَذَى، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ أَوْ الْفِدْيَةُ أَوْ الْهَدْيُ لِمَا أَصَابَ كَمَا يَكُونُ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ أَمْ عَلَيْهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَى الْعَبْدِ الْفِدْيَةُ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ الْأَذَى مِمَّا احْتَاجَ فِيهِ الْعَبْدُ إلَى الدَّوَاءِ أَوْ إمَاطَةِ الْأَذَى، قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ أَوْ يَنْسُكَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ صَامَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى لِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ الصِّيَامَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَ الْعَبْدُ مِنْ الصَّيْدِ خَطَأً لَمْ يَعْمِدْ لَهُ، أَوْ فَوَاتِ حَجٍّ أَصَابَهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ لَهُ عَامِدًا، أَوْ كُلَّ مَا أَصَابَهُ خَطَأً مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الْهَدْيُ، أَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الصِّيَامِ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَهْدِ عَنْهُ سَيِّدُهُ أَوْ يُطْعِمْ عَنْهُ، لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ بِالْحَجِّ وَلِأَنَّ الَّذِي أَصَابَهُ خَطَأً لَمْ يَتَعَمَّدْهُ، فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الصِّيَامِ إلَّا أَنْ يُهْدِيَ أَوْ يُطْعِمَ