للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: ٥] ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ عُبَيْدٍ الْيَحْصُبِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الشَّامِ أَنْ يَسِيرَ حَتَّى يَأْتِيَ أُبْنَى فَيُحَرِّقُ وَيُهْرِيقُ دَمًا فَفَعَلَ ذَلِكَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْت سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى جَيْشٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُحَرِّقَ فِي أُبْنَى.

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ سَبَوْا رِجَالًا وَنِسَاءً وَذَرَارِيَّ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ حُمُولَةً وَلَمْ يُقْوُوا عَلَى إخْرَاجِهِمْ هَلْ سَمِعْت فِيهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ قَتْلِ الْأَسَارَى؟

قَالَ: أَمَّا كُلُّ مَنْ خِيفَ مِنْهُ فَأَرَى أَنْ يُقْتَلَ، قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذَ الْإِمَامُ أُسَارَى؟ هَلْ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ إنَّ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ إنْ شَاءَ أَنْ يَضْرِبَ رِقَابَهُمْ وَإِنْ شَاءَ اسْتَحْيَاهُمْ وَجَعَلَهُمْ فَيْئًا؟

قَالَ: سَمِعْته يَقُولُ: أَمَّا مَنْ خِيفَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، قَالَ: أَرَأَيْت مَالِكًا فِيمَا وَقَفْته عَلَيْهِ يَفِرُّ مِنْ قَتْلِ الَّذِينَ لَا يُخَافُ مِنْهُمْ مِثْلَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: أَلَا تَرَى إلَى مَا نَالَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَبِي لُؤْلُؤَةَ، فَإِذَا كَانَ الْأَسِيرُ مَنْ أَبْغَضَ لِلدِّينِ وَعَادَى عَلَيْهِ وَأَحَبَّ لَهُ وَخِيفَ عَلَيْهِ أَنْ لَا تُؤْمِنَ غِيلَتُهُ، فَهُوَ الَّذِي يُقْتَلُ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَهُمْ الْحَشْوَةُ وَلَهُمْ قُوتِلَ الْمُشْرِكُونَ، وَهُمْ كَالْأَمْوَالِ وَفِيهِمْ الرَّغْبَةُ وَبِهِمْ الْقُوَّةُ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى أُمَرَاءِ الْجُيُوشِ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا مِنْ الْكُفَّارِ كُلَّ مَنْ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهِمْ الْمَوَاسِي، وَلَا تَسْبُوا إلَيْنَا مِنْ عُلُوجِهِمْ أَحَدًا وَكَانَ يَقُولُ: لَا يُحْمَلُ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ عُلُوجِهِمْ أَحَدٌ فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: مَنْ أَصَابَنِي؟ قَالُوا: غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَحْمِلُوا إلَيْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَاجِ أَحَدًا فَعَصَيْتُمُونِي.

وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ مِنْ الرُّومِ يَلْقَاهُ الْمُسْلِمُونَ فَيَقُولُ: إنَّمَا جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ، فَيُقَالُ لَهُ: كَذَبْت وَلَكِنَّا حِينَ أَخَذْنَاك اعْتَلَلْت عَلَيْنَا بِهَذَا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَمَا يَدْرِيهِمْ هَذِهِ أُمُورٌ مُشْكِلَةٌ، قَالَ مَالِكٌ: فَأَرَى أَنْ يُرَدَّ إلَى مَأْمَنِهِ.

قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يَدْخُلُ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ فَيَأْخُذُهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَيَكُونُ لَهُ أَمْ يَكُونُ فَيْئًا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَا وُجِدَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْعَدُوِّ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ تُجَّارٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، إنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ وَلَا يَكُونُونَ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ إنْ سَقَطُوا إلَيْهِمْ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ إلَى وَالِي الْمُسْلِمِينَ يَرَى فِيهِمْ رَأْيَهُ، وَأَنَا أَرَى أَنَّ ذَلِكَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُجْتَهَدُ فِيهِ الْوَالِي.

قُلْت: أَرَأَيْت الرُّومِيَّ يَحِلُّ بِسَاحِلِنَا تَاجِرًا فَيَنْزِلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطَى أَمَانًا، فَيَقُولُ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَتَعَرَّضُونَ لِمَنْ جَاءَكُمْ تَاجِرًا حَتَّى يَبِيعَ تِجَارَتَهُ وَيَنْصَرِفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>