أَهْلَ بَيْتٍ فُقَرَاءَهُمْ عَشَرَةٌ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، كَمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمْ وَأَرْحَمُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكَيْنَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ حِنْطَةً، ثُمَّ ضَاقَ السِّعْرُ وَاشْتَدَّتْ حَالُ النَّاس حَتَّى صَارَ عَيْشُهُمْ التَّمْرَ أَوْ الشَّعِيرَ، أَيُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا بَعْدَ الثَّلَاثِينَ الَّذِينَ ذَكَرْت لَكَ مِنْ هَذَا الَّذِي صَارَ عَيْشَ النَّاسِ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا فِي بِلَادٍ عَيْشُهُمْ فِيهَا الْحِنْطَةُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى بَلَدٍ عَيْشُهُمْ فِيهَا الشَّعِيرُ أَوْ التَّمْرُ فَأَطْعَمَ هُنَاكَ مَا هُوَ عَيْشُ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْ ظِهَارِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا، أَيُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ الْيَوْمَ نِصْفَ الْكَفَّارَةِ وَغَدًا نِصْفَ الْكَفَّارَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ.
سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ الرَّجُلِ يَرْدُدْ عَلَى مِسْكِينَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَكَرِهَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ فِي بِلَادِهِ فَلْيَبْعَثْ بِهِ إلَى بِلَادٍ أُخَرَ وَذَلِكَ أَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ أَطْعَمَ الْيَوْمَ عَنْ كَفَّارَةٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَهُمْ أَيْضًا عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ الْأُخْرَى وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمْ.
قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ.
قُلْتُ: كَانَتْ هَاتَانِ الْكَفَّارَتَانِ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ أَمْ مِنْ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؟
قَالَ: إنَّمَا سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَقَالَ: مَا أَخْبَرْتُكَ.
قُلْتُ: وَإِنْ افْتَرَقَتْ الْكَفَّارَتَانِ، فَكَانَتْ عَنْ ظِهَارٍ وَعَنْ إفْطَارٍ فِي رَمَضَانَ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ مِنْ قَوْلِهِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَرِهَهُ وَهَذَا مِثْلُهُ عِنْدِي ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ عَنْ الرَّجُلِ تَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينَانِ فَيَدْعُو عَشَرَةً فَيُطْعِمُهُمْ ثُمَّ يَدْعُوهُمْ مِنْ الْغَدِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا وَلَكِنْ يَدْعُوهُمْ الْيَوْمَ، فَإِنْ حَدَثَتْ يَمِينٌ أُخْرَى فَلْيَدْعُهُمْ بِالْغَدِ إنْ شَاءَ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَطْعَمَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ أَخًا أَوْ أُخْتًا أَوْ وَالِدًا أَوْ وَلَدًا، أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ؟ فَقَالَ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا يُطْعِمُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ، وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُمْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَا يُطْعِمُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ الَّتِي عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَيُجْزِئُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنْ يُطْعِمَ مُكَاتَبَهُ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُطْعِمُ مُكَاتَبَهُ وَلَا مُكَاتَبَ غَيْرِهِ وَلَا عَبْدًا وَلَا أُمَّ وَلَدٍ وَلَا أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ فِي الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا إلَّا حُرًّا مُسْلِمًا.
قَالَ: وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ رَبِيعَةُ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ نَافِعٌ: نَصْرَانِيٌّ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: نَصْرَانِيٌّ وَيَهُودِيٌّ وَعَبْدٌ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَفَيُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ؟
قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤] .
فَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَطْعَمَ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ أَيُعِيدُ؟
قَالَ: نَعَمْ إنَّهُ يُعِيدُ،