للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الصَّدَاقِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قِيلَ لَهُ أَفَتَنْكِحُ بِهَذَا زَوْجًا كَانَ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا؟ فَقَالَ الزَّوْجُ: لَمْ أَطَأْهَا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ وَطِئَنِي.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى ذَلِكَ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ مِنْهُمَا عَلَى الْوَطْءِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنْ تَدِينَ فِي ذَلِكَ وَخُلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نِكَاحِهِ، وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ الَّذِي طَلَّقَهَا ضَرَرًا مِنْهُ فِي نِكَاحِهَا.

قُلْت: فَهَلْ يَكُونُ الرَّجُلُ مُحْصَنًا أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ مُحْصَنًا وَلَا تُصَدَّقُ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ فِي الْإِحْصَانِ.

سَحْنُونٌ وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُ الصَّدَاقُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُخِذَ مِنْهُ الصَّدَاقُ لِمَا مَضَى مِنْ الْحُكْمِ الظَّاهِرِ وَهُوَ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ أَصَابَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مُحْصَنَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِالْجِمَاعِ؟

قَالَ: لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ لَهَا أَنْ تُسْقِطَ مَا أَقَرَّتْ بِهِ مِنْ الْإِحْصَانِ قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذَ فِي زِنَا وَبَعْدَ مَا أُحِدَّتْ لِادِّعَائِهَا الصَّدَاقَ وَأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَدَعْهُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ الزَّوْجُ لَمْ يَكُنْ لَهَا فَلَمَّا كَانَ إقْرَارُهَا بِالْوَطْءِ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّهَا إنَّمَا أَقَرَّتْ بِهِ لِلصَّدَاقِ كَانَ لَهَا أَنْ تُلْغِيَ الْإِحْصَانَ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْعِنِّينَ أَوْ الرَّجُلَ الَّذِي لَيْسَ بِعِنِّينٍ يَدْخُلُ بِامْرَأَةٍ فَيَدَّعِي أَنَّهُ قَدْ جَامَعَهَا، وَأَنْكَرَتْ هِيَ الْجِمَاعَ؟ وَقَالَتْ مَا جَامَعَنِي ثُمَّ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ؟

قَالَ: قَدْ أَقَرَّ لَهَا بِالصَّدَاقِ، فَقَالَ لَهَا خُذِي إنْ شِئْتِ وَإِنْ شِئْتِ فَدَعِي.

قُلْتُ: فَإِنْ زَنَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَكُونُ مُحْصَنَةً؟

قَالَ: لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً إلَّا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ الْمَسِيسُ بَعْدَ النِّكَاحِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تُقِيمُ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ وَجَدُوهَا تَزْنِي.

فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ كُنْتُ أُجَامِعُهَا.

وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: مَا جَامَعَنِي، أَتَكُونُ مُحْصَنَةً أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَاهَا مُحْصَنَةً.

قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ يَقُولُ غَيْرُهُ إنَّهَا مُحْصَنَةٌ وَلَيْسَ لَهَا إنْكَارٌ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَدْفَعُ حَدًّا وَجَبَ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ دَعْوَى.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَلْبَتَّةَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا، فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ، فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ قَدْ جَامَعَهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا قَالَتْ: طَرَقَنِي لَيْلًا فَجَامَعَنِي أَيُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ تُصَدَّقَ فِي الْجِمَاعِ إنْ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ إلَى زَوْجِهَا إلَّا بِدُخُولٍ يُعْرَفُ.

قُلْتُ: فَإِنْ زَنَتْ أَتَكُونُ عِنْدَهُ مُحْصَنَةً بِقَوْلِهَا ذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا مِثْلُ الْأُولَى لَهَا طَرْحُ مَا ادَّعَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>