للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلِيَّ حَرَامٌ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، إنَّمَا أَرَدْتُ بِهَذَا الْقَوْلِ الظِّهَارَ؟

قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ وَاحِدَةً، إنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ النَّاسُ بِمَا لَفَظَتْ بِهِ أَلْسِنَتُهُمْ مِنْ أَمْرِ الطَّلَاقِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْحَرَامُ عِنْدَ مَالِكٍ طَلَاقٌ فَلَا يَدِينُ فِي الْحَرَامِ كَمَا لَا يَدِينُ فِي الطَّلَاقِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ بَرِئْتِ مِنِّي، ثُمَّ يَقُولُ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ طَلَاقًا، فَقَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ بِسَبَبِ أَمْرٍ كَلَّمَتْهُ فِيهِ فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ فَأَرَاهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ إذَا ابْتَدَأَهَا بِهَذَا الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ كَلَامٍ كَانَ قَبْلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ، وَإِلَّا فَهِيَ طَالِقٌ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَسْأَلَتِكَ فِي الْحَرَامِ أَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ.

قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بَرِئْتِ مِنِّي، ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ بِذَلِكَ الظِّهَارَ، لَمْ يَنْفَعْهُ قَوْلُهُ، أَوْ بِنْتِ مِنِّي أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ، ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ بِهَذَا الظِّهَارَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَكَانَ طَلَاقًا هَهُنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ كَلَامٌ قَبْلَهُ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الْبَرِيَّةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلِيّ حَرَامٌ، يَنْوِي بِذَلِكَ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَهِيَ الْبَتَّةُ وَلَيْسَ نِيَّتُهُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ وَالِاثْنَتَيْنِ تُحَرِّم الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَالْمَدْخُولُ بِهَا لَا يُحَرِّمُهَا إلَّا الثَّلَاثُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ كُلُّ حَلَالٍ عَلَيَّ حَرَامٌ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَدْخُلُ امْرَأَتُهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهَا بِقَلْبِهِ فَيَكُونَ لَهُ ذَلِكَ، وَيَنْوِي وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِهَا وَلَمْ أُرِدْهَا فِي التَّحْرِيمِ إلَّا أَنِّي تَكَلَّمْتُ بِالتَّحْرِيمِ غَيْرَ ذَاكِرٍ لِامْرَأَتِي وَلَا لِشَيْءٍ، قَالَ مَالِكٌ: أَرَاهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ، يَنْوِي بِذَلِكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَجَوَارِيَهُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَجَوَارِيه وَلَا فِي مَالٍ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ وَلَا كَفَّارَةِ يَمِينٍ أَيْضًا وَلَا تَحْرِيمَ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَلَا جَوَارِيه وَلَا فِي لُبْسِ ثَوْبٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ إلَّا فِي امْرَأَتِهِ وَحْدَهَا، وَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهَا بِقَلْبِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ قَدْ حَرَّمْتُكِ عَلَيَّ أَوْ قَدْ حَرَّمْتُ نَفْسِي عَلَيْكِ، أَهُوَ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا قَالَ قَدْ طَلَّقْتُكِ أَوْ أَنَا طَالِقٌ مِنْكِ إنَّ هَذَا سَوَاءٌ وَهِيَ طَالِقٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ؟

قَالَ: هِيَ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا نَوَى؟

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْخَلِيَّةُ وَالْبَرِيَّةُ وَالْبَتَّةُ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا هِيَ ثَلَاثٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ إلَّا أَلْبَتَّةَ، فَإِنَّ أَلْبَتَّةَ لِلَّتِي دُخِلَ بِهَا وَاَلَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا ثَلَاثٌ ثَلَاثٌ سَوَاءٌ لَا يَنْوِي فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ أَلْبَتَّةَ فَقَدْ رَمَى بِالثَّلَاثِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>