الْحَيْضَةُ وَالْحَبَلُ، فَيَجْعَل الْعِدَّةَ إلَيْهِنَّ بِمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ مِنْ كِتْمَانِهَا.
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي قَوْلِ اللَّهِ {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] قَالَ بَلَغَنَا أَنَّهُ الْحَبَلُ وَبَلَغَنَا أَنَّهَا الْحَيْضَةُ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ذَلِكَ لِتَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ إذَا كَانَتْ لَهُ، وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ قَبَاثِ بْنِ رَزِينٍ اللَّخْمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: كَانَ تَحْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلًا فَلَمَّا أَحَسَّتْ بِالْوَلَدِ أَغْلَقَتْ الْأَبْوَابَ حَتَّى وَضَعَتْ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ عُمَرُ فَأَقْبَلَ مُغْضَبًا حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِشَيْخٍ كَبِيرٍ فَجَلَسَ إلَيْهِ فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ مَا بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الْبَقَرَةِ فَذَهَبَ يَقْرَأُ فَإِذَا فِي قِرَاءَتِهِ ضَعْفٌ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَهُنَا غُلَامٌ حَسَنُ الْقِرَاءَةِ فَإِنْ شِئْتَ دَعْوَتُهُ لَكَ، قَالَ: نَعَمْ، فَدَعَاهُ فَقَرَأَ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] فَقَالَ عُمَرُ إنَّ فُلَانَةَ مِنْ اللَّائِي يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ وَإِنَّ الْأَزْوَاجَ عَلَيْهَا حَرَامٌ مَا بَقِيَتْ. أَشْهَبُ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ أَنَّ لَيْثَ بْنَ أَبِي سُلَيْمٍ حَدَّثَهُ وَأَنَّ الْأَعْمَشَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أُبَيَّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ مِنْ الْأَمَانَةِ أَنْ ائْتُمِنْتِ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا.
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ إنَّ الْمَرْأَةَ ائْتُمِنَتْ عَلَى فَرْجِهَا، قَالَ لِي سُفْيَانُ فِي الْحَيْضَةِ وَالْحَبَلِ إنْ قَالَتْ حِضْتُ أَوْ قَالَتْ لَمْ أَحِضْ أَنَا حَامِلٌ صُدِّقَتْ مَا لَمْ تَأْتِ بِمَا يُعْرَفُ فِيهِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَادَّعَتْ أَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ وَذَلِكَ فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لَا تَحِيضُ النِّسَاءُ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي مِقْدَارِ تِلْكَ الْأَيَّامِ؟ قَالَ: لَا تُصَدَّقُ قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا ادَّعَتْ أَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ فِي مِقْدَارِ مَا تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ صُدِّقَتْ فَهَذَا يَدُلُّنِي عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَدِّقُهَا إذَا ادَّعَتْ ذَلِكَ فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي عَدَدِ تِلْكَ الْأَيَّامِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَتْ فِي مِقْدَارِ مَا تَحِيضُ فِيهِ ثَلَاثَ حِيَضٍ قَدْ دَخَلْت فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَالزَّوْجُ يَسْمَعُهَا، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مَكَانَهَا أَنَا كَاذِبَةٌ وَمَا دَخَلْت فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَيَكُونُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَقَدْ نَظَرَ النِّسَاءُ إلَيْهَا فَوَجَدْنَهَا غَيْرَ حَائِضٍ، فَقَالَ: لَا يَنْظُرُ إلَى نَظَرِ النِّسَاءِ إلَيْهَا وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ حِينَ قَالَتْ قَدْ دَخَلْتُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ إذَا كَانَ فِي مِقْدَارِ مَا تَحِيضُ لَهُ النِّسَاءُ، وَلَا أَرَى أَنْ يُرَاجِعَهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، أَشْهَبُ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ حَدَّثَهُ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ نَافِعٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَتَرَكَهَا خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute