وَابْنُ قُسَيْطٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَالرَّجْعَةُ لَهُ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَحِضْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ، فَقَدْ مَضَتْ الثَّلَاثُ الْأَقْرَاءُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضِ قَالَ اللَّهُ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وَلَمْ يَقُلْ ثَلَاثَ حِيَضٍ. فَإِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ فَقَدْ طَلَّقَهَا فِي قُرْءٍ وَتَعْتَدُّ فِيهِ، فَإِذَا حَاضَتْ حَيْضَةً فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَهُوَ قُرْءٌ ثَانٍ فَإِذَا حَاضَتْ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا الثَّانِي فَإِذَا طَهُرَتْ فَهُوَ قُرْءٌ ثَالِثٌ وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ حَتَّى تَرَى أَوَّلَ قَطْرَةٍ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا الثَّالِثُ وَانْقَضَى آخِرُهُ فَانْقَضَتْ الرَّجْعَةُ عَنْهَا وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ.
قَالَ: أَشْهَبُ غَيْرَ أَنِّي أَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يُعَجَّلَ بِالتَّزْوِيجِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّ الدَّمَ الَّذِي رَأَتْ فِي آخِرِ الْحَيْضَةِ دَمَ حَيْضَةٍ بِتَمَادِيهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الدَّمَ السَّاعَةَ وَالسَّاعَتَيْنِ وَالْيَوْمَ ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهَا فَيُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِنْ رَأَتْ هَذَا امْرَأَةٌ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ وَعَلَيْهَا الرُّجُوعُ إلَى بَيْتِهَا الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ حَتَّى تَعُودَ إلَيْهَا الْحَيْضَةُ صَحِيحَةً مُسْتَقِيمَةً، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَضَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَنْ تُنْكَحَ فِي دَمِهَا.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَ رَبِيعَةُ وَعِدَّتُهُنَّ مِنْ الْأَقْرَاءِ الْأَطْهَارُ فَإِذَا مَرَّتْ بِهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ فَقَدْ حَلَّتْ وَإِنَّمَا الْحَيْضُ عَلَمُ الْأَطْهَارِ فَإِذَا اسْتَكْمَلَتْ الْأَطْهَارَ فَقَدْ حَلَّتْ.
مَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَمَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ ابْنَ الْأَحْوَصِ هَلَكَ بِالشَّامِ حَتَّى دَخَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ. فَقَالَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إلَى زَيْدٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ إذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا.
مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: انْتَقَلَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ فَقَالَتْ: صَدَقَ عُرْوَةُ وَقَدْ جَادَلَهَا فِيهِ نَاسٌ فَقَالُوا: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] ، فَقَالَتْ صَدَقْتُمْ وَلَا يَدْرُونَ مَا الْأَقْرَاءُ إنَّمَا الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إلَّا وَهُوَ يَقُولُ هَذَا يُرِيدُ قَوْلَ عَائِشَةَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَحَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمَهْرِيِّينَ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ وَسَالِمَ عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا طَلُقَتْ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، فَقَالَا: قَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute