للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِشَيْءٍ مِمَّا أَدَّى عَنْ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، فَالْأَبَوَانِ إذَا كَانَ لَهُمَا مَالٌ ظَاهِرٌ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُعْجِزَا أَنْفُسَهُمَا وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ.

قُلْتُ: فَإِنْ عَدَا السَّيِّدُ عَلَى الْوَلَدِ فَقَتَلَهُ وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنْ كِتَابَةِ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: يَعْتِقُ الْأَبَوَانِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْوَلَدِ تَكُونُ قِصَاصًا بِالْكِتَابَةِ وَيَرْجِعُ الْأَبَوَانِ الْمُكَاتَبَانِ عَلَى السَّيِّدِ بِالْفَضْلِ فَيَكُونُ لَهُمَا. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ قَتَلَ وَلَدَ الْمُكَاتَبِ أَوْ الْمُكَاتَبَ نَفْسَهُ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ كِتَابَتَهُ. فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ كَانَ لِأَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنْ كَانَ قَتَلَ الْأَبَوَيْنِ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ كِتَابَتَهُ، وَمَا بَقِيَ عَنْ كِتَابَتِهِمْ فَلِلْوَلَدِ. وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ إذَا قَتَلَهُمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ إذَا قَتَلَهُمْ، وَقِيمَتُهُمْ قَدْ صَارَتْ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ أَمْوَالِهِمْ. وَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي مُكَاتَبٍ جَرَحَهُ سَيِّدُهُ: إنَّ جُرْحَهُ عَلَى سَيِّدِهِ يَحْسُبُهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي ابْنِ الْمُكَاتَبِ إذَا قُتِلَ: إنَّ عَقْلَهُ لِلسَّيِّدِ، إنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِجَمِيعِ كِتَابَتِهِمْ وَيَعْتِقُونَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ لَيْسَ فِيهَا وَفَاءٌ بِجَمِيعِ كِتَابَتِهِمْ أَخَذَهُ السَّيِّدُ وَحَسَبَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِمْ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَفَاءٌ بِجَمِيعِ كِتَابَتِهِمْ، أَخَذَ ذَلِكَ السَّيِّدُ وَحَسَبَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ أَخَذَهُ أَيْضًا وَحَسَبَ لَهُمْ أَيْضًا ذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِمْ. وَالْمَالُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ أَخَذَهُ السَّيِّدُ إنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِمْ تُرِكَ فِي أَيْدِيهِمْ إنْ كَانُوا مَأْمُونِينَ. وَهَذَا فِي الْوَلَدِ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ وَلَدٍ، فَهَذَا الْمَالُ فِي الْمَوْتِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنَايَةِ يَأْخُذُ السَّيِّدُ مَا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ وَيَحْسُبُ ذَلِكَ لَهُمْ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِمْ، فَإِذَا عَتَقُوا أَتْبَعَهُمْ السَّيِّدُ بِمَا يَصِيرُ لَهُ عَلَيْهِمْ مِمَّا حَسَبَ لَهُمْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا إخْوَةً فَلَا يَتْبَعَهُمْ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ كَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ: ذَكَرَهُ يُونُسُ عَنْهُ إذَا كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ، وَكَانَ فِيمَنْ كَاتَبَ قُوَّةٌ عَلَى الِاسْتِسْعَاءِ - سَعَوْا وَسَعَى الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ - وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْجِزُوا حَتَّى لَا يُرْجَى عِنْدَهُمْ سَعْيٌ. وَإِنْ مَاتَ أَبُوهُمْ وَتَرَكَ مَالًا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ فَقَدْ كَانَتْ لَهُمْ مَعُونَةُ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَصْلُهُ إنْ قَتَلُوا أَوْ أَجْرَمُوا جَرِيمَةً، فَالْمَالُ يُدْفَعُ إلَى سَيِّدِهِ فَيُقَاصُّونَ بِهِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِمْ وَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ أَصْلُهُ لَهُمْ وَهُوَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّلَفُ إذَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ، وَإِنْ صِغَارًا لَا يَقْوُونَ فَهُمْ أَرِقَّاءُ وَلِسَيِّدِهِمْ ذَلِكَ الْمَالُ. ابْنُ وَهْبٍ: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إذَا كَانُوا صِغَارًا لَا يَسْتَطِيعُونَ السَّعْيَ لَمْ يُنْتَظَرْ بِهِمْ أَنْ يَكْبَرُوا وَكَانُوا رَقِيقًا لِسَيِّدِهِمْ.

قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا تَرَكَ أَبُوهُمْ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ نُجُومَهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا وَيَقْوَوْا عَلَى السَّعْيِ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صِغَارًا وَكَانَتْ مَعَهُمْ أُمُّ وَلَدٍ لِأَبِيهِمْ فَأَرَادَتْ السَّعْيَ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهَا مَالَ الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ إذَا كَانَ يَرَى أَنَّهَا مَأْمُونَةٌ عَلَى ذَلِكَ قَوِيَّةٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>