السَّعْيِ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ أُخِذَ الْمَالُ مِنْهُمْ لَمْ يَقْوَوْا عَلَى السَّعْيِ وَالْأَدَاءِ وَعَجَزُوا وَصَارُوا عَبِيدًا، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ لَهُمْ مَا لَهُ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ وَلَدُهُ يَحْتَمِلُونَ السَّعْيَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ أُمُّ وَلَدٍ؛ أُعْطُوا الْمَالَ يُقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى السَّعْيِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً وَلَا قَوِيَّةً عَلَى ذَلِكَ رَجَعَتْ هِيَ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ أَوْ فِي ثَمَنِ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا بِيعَتْ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ، فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَيَعْتِقُونَ، وَيَكُونُ فِيمَا تَرَكَ وَفِي ثَمَنِهَا إذَا بِيعَتْ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ. ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ وَبَنِيهِ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ كِتَابَةٌ، فَإِنْ آنَسَ مِنْهُمْ رُشْدًا دَفَعَ إلَى بَنِيهِ مَالَهُ وَاسْتَسْعَوْا فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ لَمْ يُؤْنَسُ مِنْهُمْ رُشْدٌ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِمْ مَالَ أَبِيهِمْ.
مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَاسْتُفْتِيَ فِي مُكَاتَبٍ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ فَضْلٌ مِنْ كِتَابَتِهِ وَتَرَكَ مَالًا وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ أَيَأْخُذُونَ مَالَهُ إنْ شَاءُوا يَقْضُونَ كِتَابَتَهُ وَيَكُونُونَ عَلَى نُجُومِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إنْ اسْتَقَلُّوا بِذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُمْ إنْ شَاءُوا.
وَقَالَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: إنْ كَانُوا صَالِحِينَ دُفِعَ إلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا أُنَاسَ سَوْءٍ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِمْ. ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فَقَالَا: إنْ تَرَكَ مَالًا قَضَوْا عَنْهُ وَهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَقَدْ آنَسَ مِنْهُمْ الرُّشْدَ سَعَوْا فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ، بَلَغُوا مِنْ ذَلِكَ مَا بَلَغُوا. وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَسْتَأْنِ بِاَلَّذِي لِلرَّجُلِ كَبَرَهُمْ يَخْشَى أَنْ يَمُوتُوا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُمْ لَهُ عَبِيدٌ.
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: إنْ كَانَ وَلَدُهُ كُلُّهُمْ صِغَارًا لَا قُوَّةَ لَهُمْ عَلَى الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَتْرُكْ أَبُوهُمْ مَالًا، فَإِنَّهُمْ يَرِقُّونَ، وَإِنْ تَرَكَ أَبُوهُمْ مَالًا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ أَدَّوْا نُجُومَهُمْ عَامًا بِعَامٍ. ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا، أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا أُصِيبَ بِجُرْحٍ لَهُ فِيهِ عَقْلٌ، أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ، فَإِنَّ عَقْلَهُمْ عَقْلُ الْعَبِيدِ فِي قِيمَتِهِمْ. وَإِنَّ مَا وَجَبَ لَهُمْ فِي عَقْلِهِمْ يُدْفَعُ إلَى سَيِّدِهِمْ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ، وَيُحْسَبُ لِلْمُكَاتَبِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ وَيُوضَعُ عَنْهُ مَا أَخَذَهُ سَيِّدُهُ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ فَيَأْكُلُهُ أَوْ يَسْتَهْلِكُهُ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إلَى سَيِّدِهِ أَعْوَرَ وَمَقْطُوعَ الْيَدِ أَوْ مَغْصُوبَ الْجَسَدِ، وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى كَسْبِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ وَلَدِهِ وَلَا مَا أُصِيبَ مِنْ جَسَدِهِ فَيَسْتَهْلِكُهُ. يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ لَهُ عَقْلُ جِرَاحٍ: إنْ أَصَابَتْهُ فَإِنْ جُرِحَ الْمُكَاتَبُ فَالْعَقْلُ فِيهِ يَأْخُذُهُ سَيِّدُهُ، فَإِذَا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَقْلِ قَاصَّ بِهِ سَيِّدَهُ وَعَتَقَ، وَإِنْ عَجَزَ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لِسَيِّدِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ جُرْحَ الْعَبْدِ لَيْسَ مِنْ مَالِهِ إنَّمَا هُوَ لِسَيِّدِهِ.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ: إنْ أُصِيبَ الْمُكَاتَبُ بِجُرْحٍ لَهُ عَقْلٌ فَعَقْلُ ذَلِكَ الْجُرْحِ لِسَيِّدِهِ يَقْبِضُهُ وَيُقَاصُّهُ بِهِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ. قَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ وَكُلُّهَا لِابْنِ وَهْبٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute