ذَلِكَ عَلَى صِفَةٍ وَهُمْ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِثْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ مِصْرَ أَوْ بَرْقَةَ مِنْ مِصْرَ أَوْ مِنْ إفْرِيقِيَّةِ أَيَصْلُحُ لِي فِيهِ النَّقْدُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: أَفَيَجُوزُ لِي أَنْ أَبِيعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ الَّذِي بَاعَنِيهَا بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَنْتَقِدَ أَوْ لَا أَنْتَقِدَ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ الْغَائِبَةَ الَّتِي لَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهَا مِنْ رَجُلٍ وَصَفَهَا لَهُ أَوْ قَدْ رَآهَا ثُمَّ يُقِيلُهُ مِنْهَا: إنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، قَالَ مَالِكٌ: وَأُرَاهُ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ ثَبَتَ عَلَى الْمُبْتَاعِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ سَلِيمَةً يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ، فَإِذَا أَقَالَهُ مِنْهَا بِدَيْنٍ قَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ سِلْعَةً غَائِبَةً بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لَا يَقْبِضُهُ مَكَانَهُ فَيَصِيرُ الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ، وَكَذَلِكَ فَسَّرَ لِي مَالِكٌ، وَالسِّلْعَةُ الْغَائِبَةُ الَّتِي سَأَلْتَنِي عَنْهَا لَا تَصْلُحُ بِأَقَلَّ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِهَا وَلَا بِمِثْلٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنًا بِدَيْنٍ كَمَا وَصَفْتُ لَك، سَحْنُونٌ. وَهَذَا عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِي السِّلْعَةِ إذَا أَدْرَكْتهَا الصَّفْقَةُ قَائِمَةً مُجْتَمِعَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَمَّا إنْ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَلَمْ يَنْقُدْ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَبِيعُ سِلْعَةً لَهُ غَائِبَةً فَلَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَخَذَ مِنْهُ بِدَيْنِهِ جَارِيَةً مِمَّا تُسْتَبْرَأُ أَوْ مِثْلَهَا يَتَوَاضَعُ لِلْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ فَيَتَوَاضَعَانِهَا لِلْحَيْضَةِ، قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا يُشْبِهُ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً فَتَوَاضَعَاهَا لِلْحَيْضَةِ فَاسْتَقَالَهُ صَاحِبُهَا بِرِبْحٍ يُرْبِحُهُ إيَّاهُ، قَالَ مَالِكٌ: إنْ لَمْ يَنْتَقِدْ الرِّبْحَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ الرِّبْحُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ الرِّبْحُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ فِيهَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ فَأَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْ الْبَائِعِ رِبْحًا يَنْتَقِدُهُ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَتِمُّ لَهُ الْبَيْعُ أَمْ لَا كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ الْمُشْتَرِي زِيَادَةً يُقِيلُهُ بِهَا مِنْ الْجَارِيَةِ وَكَذَلِكَ فَسَّرَ لِي مَالِكٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُقِيلَهُ مِنْهَا بِرَأْسِ مَالِهِ لَا زِيَادَةَ فِيهَا وَلَا نُقْصَانَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْحَيْضَةِ، وَلَا أَرَى عَلَى صَاحِبِهَا فِيهَا اسْتِبْرَاءً.
قُلْتُ: وَيَبِيعُهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْتَقِدَا الثَّمَنَ وَلَمْ يَأْخُذْ رِبْحًا فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ قَبَضَهَا مُشْتَرِيهَا وَإِنْ دَخَلَهَا نَقْصٌ عَمِلَ فِيهَا كَمَا يَعْمَلُ فِي مُشْتَرِيهَا وَهَذَا أَحَبُّ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا إلَيَّ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إذَا آجَرْت دَارِي مِنْ رَجُلٍ إلَى شَهْرَيْنِ بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute