لَهُ إذَا رَدَّهَا أَنْ يَحْبِسَ وَلَدَهَا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَرُدَّ وَلَدَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْعَيْبِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَرُدَّهَا بِالْوَلَدِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بَيْعًا فَاسِدًا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ أَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا لِأَنَّهَا حِينَ وَلَدَتْ عِنْدَهُ فَقَدْ فَاتَتْ وَحَالَتْ الْأَسْوَاقُ، فَلَا يَرُدُّ الْبَيْعَ كَانَتْ مِنْ الْمُرْتَفِعَاتِ أَوْ الْوَخْشِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ قَبْضِهَا.
قُلْتُ: فَبِمَ فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا حَالَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ بِنُقْصَانِ بَدَنٍ أَوْ بِزِيَادَةِ بَدَنٍ أَوْ زِيَادَةِ سُوقٍ أَوْ نُقْصَانِ سُوقٍ أَوْ وِلَادَةٍ؟ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهَا بِالثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالرَّدِّ، وَبَيْنَ الَّذِي اشْتَرَى بَيْعًا صَحِيحًا فَأَصَابَ عَيْبًا وَقَدْ نَقَضَتْ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ زِيَادَةِ بَدَنٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ أَصَابَ بِهَا عَيْبًا غَيْرَ مُفْسِدٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَبِمَ فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ هَذَيْنِ؟
قَالَ: لِأَنَّ بَيْعَ الْحَرَامِ هُوَ بَيْعٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْطَأَ فِيهِ وَجْهَ الْعَمَلِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَقَدْ بَاعَهُ الْبَائِعُ وَلَمْ يُدَلِّسْ لَهُ عَيْبًا وَأَخَذَ لِلْجَارِيَةِ ثَمَنًا، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُودًا إنْ أَصَابَ الْجَارِيَةَ بِحَالِ مَا أُخِذَتْ مِنْهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ فَأَمَّا إنْ تَغَيَّرَتْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ جَارِيَةً صَحِيحَةً وَيَرُدَّهَا مَعِيبَةً أَوْ يَأْخُذَهَا وَقِيمَتُهَا ثَلَاثُونَ دِينَارًا فَتُحَوَّلُ سُوقُهَا فَيَرُدُّهَا وَقِيمَتُهَا عَشْرَةُ دَنَانِيرَ فَيَذْهَبُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ تَنْمُو فِي بَدَنِهَا وَقَدْ كَانَ لَهَا ضَامِنًا فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُبْتَاعِ زِيَادَةَ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ ثَلَاثِينَ دِينَارًا وَإِنَّمَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي ضَمَانِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا أَخْطَأَ فِي الْعَمَلِ فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَإِنَّمَا الْعَيْبُ أَمْرٌ كَانَ سَبَبُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَلَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ، فَلِذَلِكَ رَدَّهَا وَكَانَ مَا أَصَابَهَا مِنْ عَيْبٍ يَسِيرٍ مِنْ حُمَّى أَوْ رَمَدٍ أَوْ ضَرَرِ جِسْمٍ أَوْ عَيْبٍ يَسِيرٍ لَا يَكُونُ مُفْسِدًا فَلَيْسَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا فَاحِشًا أَوْ عَيْبًا مُفْسِدًا مِثْلَ الْعَوَرِ وَالْقَطْعِ وَالصَّمَمِ وَمَا أَشْبَهَهَا، فَذَلِكَ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَأَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: أَنَا آخُذُهَا نَاقِصَةً وَأَدْفَعُ إلَيْكَ الثَّمَنَ كُلَّهُ، فَلَا يَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ هَاهُنَا حُجَّةٌ فِي حَبْسِهَا إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ أَوْ يَرُدَّهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ اشْتَرَى مِنْ سِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ فَقَالَ الْمُبْتَاعُ، أَنَا أُبْطِلُ الْأَجَلَ وَأَنْقُدُكَ الثَّمَنَ الَّذِي شَرَطْت إلَى الْأَجَلِ، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أَقْبَلُ وَلَكِنِّي آخُذُ سِلْعَتِي لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute