وَكَمْ كَانَ قِيمَةُ الْخِلْفَةِ مِمَّا يَتَشَاحُّ النَّاسُ فِيهِ وَقِيمَتُهَا وَقَدْرُ ثَمَنِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الرَّأْسُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَالْخِلْفَةُ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ، وَإِنْ كَانَتْ الْخِلْفَةُ هِيَ أَغْزَرُ قُرْطًا أَوْ قَضْبًا أَوْ أَكْثَرُ نَبَاتًا لَمْ يُنْظَرْ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ ذَلِكَ فَيَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ وَالْخِلْفَةُ هِيَ الثُّلُثَانِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَوَّلِ وَقِيمَةِ الْآخِرِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ مِمَّا فَاتَ بِالْحَبِّ فَيُرَدُّ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَرَجَ الْحَبُّ فِي نِصْفِ الْخِلْفَةِ أَوْ نِصْفِ الرَّأْسِ الْأَوَّلِ فَقِيمَتُهُ أَيْضًا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي ذَلِكَ فَهَذَا وَجْهُ مَا فَسَّرَ لِي مَالِكٌ مِنْ كِرَاءِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ.
قُلْتُ: فَإِذَا خَرَجَ بَعْضُ هَذَا الْقَصِيلِ أَوْ بَعْضُ الْقَضْبِ أَوْ بَعْضُ الْقُرْطِ فَصَارَ حَبًّا لَمْ يُقَوَّمْ الْحَبُّ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قِيمَةِ الْحَبِّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ الْأَوَّلُ وَالْخِلْفَةُ وَلَا يُقَوَّمُ حَبًّا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ مَالِكٍ فِي بَيْع الْقَصِيلِ؟
قَالَ: إذَا بَلَغَ الْقَصِيلُ إبَّانَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ.
قُلْتُ: فَأَيُّ شَيْءٍ مَعْنَى الْفَسَادِ؟
قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الزَّرْعُ الرَّعْيَ أَوْ أَنْ يُحْصَدَ.
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْقَصِيلِ إذَا خَرَجَ مَنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَرْعَى أَوْ يُحْصَدَ أَيَصْلُحُ بَيْعُهُ وَيُشْتَرَطُ تَرَكَهُ حَتَّى يَبْلُغَ أَنْ يَرْعَى أَوْ يُحْصَدَ؟ قَالَ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَقَدْ بَلَغَ أَنْ يُرْعَى أَوْ يُحْصَدَ وَاشْتَرَطَ تَرْكَهُ حَتَّى يُقْضَبَ أَوْ اشْتَرَطَ أَنْ يَتْرُكَهُ شَهْرًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ يَحْصُدَهُ أَوْ يَرْعَاهُ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إذَا كَانَ تَرَكَهُ شَهْرًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْتَرِي بِتَرْكِهِ شَهْرًا الزِّيَادَةُ فِي النَّبَاتِ، فَإِذَا كَانَ إنَّمَا يَتْرُكُهُ لِنَبَاتٍ يَزْدَادُهُ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَبْدَأَ بِقَصْلِهِ مَكَانَهُ يَشْرَعُ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ عَلَى وَجْهِ مَا يُؤْكَلُ فِيهِ يَتَأَخَّرُ شَهْرًا قَبْلَ أَنْ يُحْصَدَ جَمِيعُهُ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْ زَرْعٍ يَشْتَرِطُ فِيهِ نَبَاتًا أَوْ زِيَادَةً حَتَّى يَصِيرَ إلَى غَيْرِ الْحَالِ الَّتِي يَكُونُ الزَّرْعُ فِيهَا حِينَ اشْتَرَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَيِّبًا كَطَيِّبِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ إذَا أَزْهَتْ فَإِنَّ النَّخْلَ وَالْعِنَبَ إذَا أَزْهَتْ فَاشْتَرَى رَجُلٌ ثَمَرَتَهَا فَإِنَّمَا الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَرَةِ هَاهُنَا طِيبٌ وَحَلَاوَةٌ وَنِضَاجٌ وَقَدْ تَنَاهَى عِظَمُ الثَّمَرَةِ وَالنَّبَاتِ، وَأَمَّا فِي الْقَصِيلِ فَهُوَ نُشُورٌ وَزِيَادَةٌ، فَالثِّمَارُ فِي هَذَا مُخَالِفَةٌ لِلزَّرْعِ فِي الشِّرَاءِ؛ قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْقَصِيلِ وَالْقُرْطِ يُسْقَى، فَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ حِينَ يَشْتَرِيهِ أَنْ يَرْعَى فِيهِ وَأَنْ يَسْقِيَهُ لَهُ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ قَصِيلَهُ، فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَطَ زِيَادَةً فِي النَّبَاتِ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى مِنْهُ السَّاعَةَ عَلَى أَنْ يَدَعَهُ إلَى بُلُوغِهِ فَهَذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَصْلُحُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute