للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْتِيَ بِبَيِّنَتِهِ، فَإِنْ ادَّعَى بَيِّنَةً بَعِيدَةً وَفِي إيقَافِهِ مَضَرَّةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، اسْتَحْلَفَ السُّلْطَانُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ كَفِيلًا. وَإِنْ ادَّعَى شُهُودًا حُضُورًا عَلَى حَقِّهِ، رَأَيْتُ أَنْ يُوقِفَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ إلَى الْجُمُعَةِ، وَهَذَا التَّحْدِيدُ فِي الْوَقْفِ لَيْسَ لِابْنِ الْقَاسِمِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ثُمَّ يُوقَفُ لَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا حِينَ قَالَ: يُدْفَعُ إلَيْهِ، رَأَيْتُ الْوَقْفَ لَهُ إذَا قَالَ الطَّالِبُ: أَنَا آتِي بِبَيِّنَتِي، إذَا كَانَ قَدْ أَثْبَتَ بِسَمَاعٍ قَدْ سَمِعُوا، أَوْ جَاءَ بِشَاهِدٍ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ أَوْقَفْته، فَعَلَى مَنْ النَّفَقَةُ، أَعَلَى الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ أَمْ عَلَى الطَّالِبِ؟

قَالَ: عَلَى الَّذِي يُقْضَى لَهُ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَإِنَّمَا تُوقَفُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ؛ لِأَنَّهَا تَحُولُ وَتَزُولُ. وَإِنَّمَا يُشْهِدُ عَلَى عَيْنِهَا وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ مَا اُدُّعِيَ بِعَيْنِهِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ دُورًا أَوْ أَرَضِينَ أَوْ نَخْلًا أَوْ فَاكِهَةً، أَوْ مَا يَكُونُ لَهُ الْغَلَّةُ، لِمَنْ الْغَلَّةُ الَّتِي تُغْتَلُّ مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَهَلْ تُوقَفُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ؟

قَالَ: الْغَلَّةُ لِلَّذِي كَانَتْ فِي يَدَيْهِ حَتَّى يُقْضَى بِهَا لِلطَّالِبِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمَطْلُوبِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ مُشْتَرِيًا، أَوْ صَارَتْ إلَيْهِ مِنْ مُشْتَرٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا الْوَقْفُ فِيمَا يَزُولُ، فَأَمَّا الرِّبَاعُ الَّتِي لَا تَزُولُ وَلَا تَحُولُ، فَلَيْسَتْ تُوقَفُ مِثْلَ مَا يَزُولُ، وَلَكِنْ تُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعَ مِنْ الْأَحْدَاثِ فِيهَا. سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا كُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِمَا يُثْبِتُ الْمُدَّعِي، وَقَفْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ حَتَّى يُقْضَى بِهَا أَوْ لَا يُقْضَى بِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ شَيْئًا مُسْتَهْلَكًا، وَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ مِنْهُ كَفِيلًا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الطَّالِبَ: هَلْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مُخَالَطَةٍ أَوْ حَقٍّ أَوْ مُعَامَلَةٍ أَوْ ظِنَّةٍ. فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ أَنْ يَسْأَلَهُ: أَحُضُورٌ هُمْ أَمْ غُيَّبٌ؟ فَإِنْ قَالَ: هُمْ حُضُورٌ، فَإِنْ كَانُوا عَلَى الْمُخَالَطَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالظِّنَّةِ؛ رَأَيْتُ أَنْ يُوَكَّلَ بِالرَّجُلِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ اللَّطْخَ، فِيمَا قَرُبَ مِنْ يَوْمِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَإِنْ أَتَاهُ بِهِمْ وَغَيْبَةُ شُهُودِهِ عَلَى الْحَقِّ غَيْبَةٌ تَبْعُدُ رَأَيْتُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ كَفِيلًا. فَإِنْ ادَّعَى شُهُودًا حُضُورًا عَلَى حَقِّهِ، رَأَيْتُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ بِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَالسَّبْعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ. فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي: خُذْ لِي مِنْهُ كَفِيلًا بِالْمَالِ، أَوْ بِالْعَقَارِ إنْ قَضَيْتَ لِي بِهِ عَلَيْهِ، لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ كَفِيلًا بِذَلِكَ الْمَالِ، إنَّمَا يَأْخُذُ الْكَفِيلَ، وَيُوقِفُ الْحَيَوَانَ وَالْعُرُوضَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ الشُّهُودُ إلَى حُضُورِهِ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِعَيْنِهِ، فَلِذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا كَمَا يَأْخُذُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ بِمَحْضَرٍ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ. فَأَمَّا مَا لَمْ يَحْتَجْ الشُّهُودُ إلَى حُضُورِهِ لِيَشْهَدُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي ادَّعَى الْمُدَّعِي مَا لَا يَبْقَى وَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، مِثْلَ الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ وَاللَّحْمِ، وَأَقَامَ لَطْخًا لَمْ يُوجِبْ بِهِ إيقَافَهُ أَوْ بَيِّنَةً، وَلَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ، فَاحْتَاجَ إلَى الْمَسْأَلَةِ عَنْهُمْ، فَقَالَ الْجَاحِدُ لِلْقَاضِي وَهُوَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>