للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَاتَبْتَهُمَا عَلَى حَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ قُوَّتِهِمَا عَلَى الْأَدَاءِ فَيَكُونُ عَلَى الْمُدَبَّرِ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ الْمَيِّتِ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَيَسْعَى الْمُكَاتَبُ الْآخَرُ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهُمَا لِأَنَّهَا تَئُولُ إلَى خَطَرٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْكِتَابَةَ إذَا كَانَتْ مُنْعَقِدَةً عَلَيْهِمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ أَحَدَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا كَانَ فِي ذَلِكَ رِقٌّ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ وَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرِقَّ نَفْسَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَحْمِلْ الْمُدَبَّرَ الثُّلُثُ؟

قَالَ: يُعْتَقُ مِنْهُ مَبْلَغُ الثُّلُثِ وَيُوضَعُ عَنْهُ مِنْ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَيَسْعَيَانِ جَمِيعًا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ.

قُلْتُ: وَيَسْعَى هَذَا الْمُدَبَّرُ مَعَ الَّذِي لَمْ يُدَبَّرْ فِي جَمِيعِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَلَا يُعْتَقُ بَقِيَّتُهُ الَّتِي يَسْعَى فِيهَا إلَّا بِصَاحِبِهِ وَلَا صَاحِبُهُ إلَّا بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ هَذَا الْمُدَبَّرُ بِمَا يُؤَدِّي عَنْهُ؟

قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا رَحِمٌ يُعْتَقُ بِهَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إذَا مَلَكَهُ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ وَمُدَبَّرَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً؟

قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنْ هَلَكَ السَّيِّدُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يُخْرِجُ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ عَتِيقًا عَتَقَ وَيُوضَعُ عَنْ صَاحِبِهِ حِصَّةُ الْمُدَبَّرِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ.

قُلْتُ: وَلَا يَلْزَمُ هَذَا الْمُدَبَّرَ أَنْ يَسْعَى مَعَ هَذَا الْآخَرِ فِيمَا بَقِيَ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: لِمَ وَأَنْتَ تَقُولُ: لَوْ أَنَّ السَّيِّدَ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمَا وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى السِّعَايَةِ إنَّ عِتْقَهُ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ صَاحِبُهُ الْمُعْتَقَ وَيَرْضَى بِذَلِكَ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ لَمْ يُعْتِقْهُ السَّيِّدُ بِأَمْرٍ يَبْتَدِئُهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ إنَّمَا أُعْتِقَ عَلَى السَّيِّدِ لَأَمْرِ لُزُومِ السَّيِّدِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُعْتَقَ عَلَى السَّيِّدِ عَلَى مَا أَحَبَّ صَاحِبُهُ أَوْ كَرِهَ، وَتُوضَعُ عَنْ صَاحِبِهِ حِصَّةُ الْمُدَبَّرِ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ حِصَّةُ الْمُدَبَّرِ مِنْ الْكِتَابَةِ.

قُلْتُ: وَلِمَ لَا يَسْعَى الْمُدَبَّرُ مَعَ صَاحِبِهِ وَإِنْ خَرَجَ حُرًّا أَلَيْسَ هُوَ ضَامِنًا لِمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَصَاحِبُهُ أَيْضًا كَانَ ضَامِنًا لِمَا عَلَى الْمُدَبَّرِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ فَلِمَ لَا يَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ بِالضَّمَانِ؟

قَالَ: لِأَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ عَلِمَ حِينَ دَخَلَ مَعَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>