قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: اخْدِمْ ابْنِي هَذَا سَنَةً ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ اخْدِمْ فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ فُلَانٌ أَوْ مَاتَ ابْنُهُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ اخْدِمْ فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ الَّذِي جَعَلَ لَهُ خِدْمَةَ الْعَبْدِ، قَالَ مَالِكٌ: يَخْدُمُ وَرَثَةَ الَّذِي جَعَلَ لَهُ الْخِدْمَةَ بَقِيَّةَ السَّنَةِ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ، وَأَمَّا الِابْنُ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ لِي يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ الْحَضَانَةِ لِوَلَدِهِ وَالْكَفَالَةِ لَهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ حُرٌّ حِينَ يَمُوتَ ابْنُهُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ الْخِدْمَةِ خَدَمَ وَرَثَةَ الِابْنِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ، وَلَمْ يَقُلْ لِي مَالِكٌ فِي الْأَجْنَبِيِّينَ مِثْلَ مَا قَالَ لِي فِي الِابْنِ وَالْبِنْتِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: اخْدِمْ أُخْتِي هَذِهِ السَّنَةَ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ ابْنَ فُلَانٍ سَنَةً ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ ابْنَةَ فُلَانٍ سَنَةً ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: هَذَا كُلُّهُ يُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ الْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ فَإِنَّهُ حُرٌّ حِينَ يَمُوتَ الْمُخْدَمُ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ وَجْهَ الْخِدْمَةِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْدُمُ وَرَثَةَ الْمُخْدَمِ بَقِيَّةَ السَّنَةِ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا عَجَّلَ عِتْقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الْخِدْمَةَ فَالْخِدْمَةُ سَاقِطَةٌ عَنْ الْعَبْدِ وَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهُ بَعْدَ الْخِدْمَةِ فَهُوَ كَمَا جَعَلَ وَلَا يَكُونُ حُرًّا حَتَّى يَخْدُمَ.
قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ فَيَأْبَقُ فِيهَا أَتَرَاهُ حُرًّا؟
قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: اخْدِمْنِي سَنَةً ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ فَمَرِضَهَا ثُمَّ صَحَّ عِنْدَ انْفِصَالِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ حُرٌّ وَلَا خِدْمَةَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَسَوَاءٌ أَنْ قَالَ: اخْدِمْنِي سَنَةً وَأَنْتَ حُرٌّ فَمَرِضَ سَنَةً مِنْ أَوَّلِ مَا قَالَ أَوْ قَالَ لَهُ: اخْدِمْنِي هَذِهِ السَّنَةَ لِسَنَةٍ سَمَّاهَا أَهُوَ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّمَا سَأَلْت مَالِكًا عَنْ سَنَةٍ لَيْسَتْ بِعَيْنِهَا قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَكْرَى دَابَّتَهُ أَوْ دَارِهِ أَوْ غُلَامَهُ فَقَالَ: أُكْرِيكَهَا سَنَةً فَإِنَّهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَقَعُ الْكِرَاءُ تِلْكَ السَّنَة مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ يَقَعُ الْكِرَاءُ وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute