للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الْمُشْتَبِهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاتِعِ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحْت صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» . وَكِيعٌ، عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: آخِرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ آيَةُ الرِّبَا فَتُوُفِّيَ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا لَنَا فَدَعُوا الرَّبَّا وَالرِّيبَةَ. وَكِيعٌ، عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ الْقَاسِمِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّا نَعْلَمُ أَبْوَابَ الرِّبَا وَلَأَنْ أَكُونَ أَعْلَمُهَا أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ مِصْرَ وَمِثْلُ كُوَرِهَا وَلَكِنْ مِنْ ذَلِكَ أَبْوَابٌ لَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ وَهِيَ مُغَضْغَضَةٌ لَمْ تَطِبْ وَأَنْ يُبَاعَ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ وَالْوَرِقُ بِالذَّهَبِ نَسِيئًا قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَجْمُوعَةً فَوَزَنَهَا لِيَقْضِيَهَا إيَّاهُ فَوَجَدَ فِي وَزْنِهَا فَضْلًا عَنْ حَقِّهِ فَأَعْطَاهُ الْبَائِعُ بِذَلِكَ وَرِقًا أَوْ عَرْضًا فِي ثَمَنِ الذَّهَبِ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

وَهُوَ مِمَّا يُجَوِّزُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يُشَبِّهُوهُ بِمِثْلِ مَنْ جَاءَ بِذَهَبٍ فَصَارَفَ بِهَا ذَهَبًا فَكَانَتْ أَوْزَنَ مِنْ ذَهَبِهِ فَأَعْطَاهُ فِي ذَلِكَ فَضْلًا لِأَنَّ هَذَا مُرَاطَلَةٌ وَتِلْكَ قَضَاءٌ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ اللَّحْمُ وَالْحِيتَانُ وَالْخُبْزُ إنَّمَا كَانَ حَقُّهُ فِي اللَّحْمِ وَالْحِيتَانِ وَالْخُبْزِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ شَرْطًا كَانَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَقَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَجَدَ فَضْلًا عَنْ وَزْنِهِ وَكَانَ مِثْلَ شَرْطِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِثَمَنٍ وَهَذَا بَيِّنٌ أَنْ تَأْخُذَ فَضْلَ وَزْنِك بِنَقْدٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ أَجَلُ الطَّعَامِ قَدْ حَلَّ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ تَأْخُذَ إلَّا بِمِثْلِ وَزْنِك أَوْ كَيْلِك وَيَتْرُكُ الْبَائِعُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ يَتَجَوَّزُ الْمُشْتَرِي عَنْ الْبَائِعِ بِدُونِ شَرْطِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ فَكَانَتْ مِثْلَ الْوَزْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْوَزْنِ أَوْ أَقَلَّ فَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَزِيدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي فَضْلِ الصِّفَةِ وَلَا يَرُدُّ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي يَزِيدُهَا الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ إنَّمَا دَخَلَتْ فِي فَضْلِ الْجُودَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ زِيَادَةٌ فِي الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فَقَدْ دَخَلَتْ الزِّيَادَةُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ وَفِي فَضْلِ الطَّعَامِ فَصَارَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ، فَإِذَا كَانَ أَدْنَى مِنْ صِفَتِهِ وَكَانَ فِي وَزْنِهِ وَأَخَذَ بِذَلِكَ فَضْلًا فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ مِنْ الْوَزْنِ وَهُوَ أَدْنَى مِنْهُ فَأَقَرَّهُ وَأَعْطَاهُ فَضْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ بَاعَ صِفَةً أَجْوَدَ مِمَّا أَخَذَ بِمَا أَخَذَ وَبِمَا أَعْطَى فَهَذَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، فَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي تُكَالُ أَوْ تُوزَنُ وَلَيْسَ مِنْ الطَّعَامِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>